فشلت مصر في سن تشريع يحد من «الانفجار السكاني» الذي تعيشه، وذلك على رغم مرور عشرات السنوات على المطالبة بفرض قانون لتحديد النسل، مذ انطلقت مطالبات سلامة موسى، وأحمد لطفي، وطه حسين، وأحمد أمين، وذلك في ثلاثينات القرن الميلادي الماضي. ليصل الأمر ببعض أعضاء مجلس الشورى العام الماضي إلى الدعوة إلى «حرمان الأسر التي يكثر فيها الإنجاب من بعض الخدمات»، وبخاصة أن مصر تعيش «أزمة غذاء وبطالة». بيد أن هذه المطالبات جوبهت باعتراض «واسع» من المؤسسة الدينية في مصر، التي أكدت عدم إمكان فرض تنظيم للأسرة، من خلال سن قانون، أو اتباع أساليب قمعية. واعتبر بعض رموز الدين الإسلامي المطالبة بتحديد النسل «دعوة صريحة للتخلي عن المبادئ الإسلامية»، مشيرين إلى أن الإسلام يحث على زيادة النسل، طالما لا توجد مخاطر على صحة المرأة. فيما نجحت الصين في نهاية السبعينات من القرن الميلادي الماضي في فرض قوانين لتحديد النسل، بحيث لا يزيد عدد الأطفال في الأسرة الواحدة على طفل واحد أو اثنين في عدد من الحالات الاستثنائية. وتعتبر الصين من أكثر دول العالم سكاناً، إذ يبلغ عدد سكانها حالياً 1.3 بليون نسمة. وفي مسعاها للسيطرة على هذه الزيادة؛ تعتزم الحكومة الصينية تقديم حوافز مالية إلى الفلاحين، وذلك لتشجعهم على عدم خرق قانون تحديد النسل. كما تهدد بفرض المزيد من الغرامات المالية على مخترقيه، وبخاصة من الطبقة الثرية. وبدأت الصين في تطبيق قانون «الطفل الواحد لكل أسرة» في عام 1979، ثم عادت وسمحت للفلاحين على وجه الخصوص بإنجاب طفل آخر بعد مرور أربعة أعوام، وبخاصة إذا ما جاء الطفل الأول أنثى. كما أعفت سكان بعض المقاطعات الريفية من طلب تصريح مُسبق من السلطات المحلية قبل الإنجاب. وتتعامل بمرونة مع الأسر التي يكون الوالدان فيها وحيدين في أسرتيهما، إذ تمنح لهما حق إنجاب طفل ثانٍ. وتشمل العقوبات على المخالفين إجراءات عدة، مثل فقدان العضوية في الحزب الشيوعي (سابقاً)، وفقدان العمل، أو المنزل بالنسبة للموظفين الحكوميين، وهدم البيوت في القرى، ودفع غرامة بنحو 1500 دولار أميركي، وحرمان الطفل من الخدمات الحكومية التعليمية والصحية. وعلى رغم ذلك تكثر المخالفات. كما أن عدداً من نساء الصين عمدن إلى التحايل على قانون «تحديد النسل»، باللجوء في الآونة الأخيرة إلى علاج التخصيب الاصطناعي، من أجل الحصول على أكثر من طفل في الحمل الواحد، مستغلات قانون عدم فرض عقوبات على ولادة التوائم. وجاء قرار الصين بتحديد النسل بعد أن تجاوز عدد سكانها البليون نسمة، ما يهدد بانفجار سكاني، وبالتالي اقتصادي كبير. وتواجه الصين اتهامات غربية، بتعريض النساء أحياناً إلى الإجهاض والعقم. بيد أن السلطات الصينية تنفي ذلك، محاولة اللجوء إلى مزيد من المرونة. ويعيش على أرض الصين حالياً ما يزيد على ربع بليون طفل وحيد تحت سن ال14، ما يمثل 20 في المئة من عدد السكان.