لن ينسى أمير مدني عملية النصب التي حاكتها ضده مجموعة من اللصوص في المدينةالمنورة، حين عمدت على وضع ملصقات تحمل في حناياها أسعاراً مغرية عن خدمات لنقل الأثاث، بيد أنه بعد استعانته بها، فر سائق المركبة التي حملت أغراضه كافة، برفقة معاونيه إلى جهة مجهولة، ما أدخله في حيرة من أمره، حول نشاط تلك الشركات، خصوصاً أن محاولاته الاتصال على الأرقام المدونة في ملصقاتها التي تملأ واجهات المنازل في «طيبة»، لم تُجد نفعاً. وكانت ضبابية اكتنفت بصيرة مدني حين جالت ببادرة أفقه فكرة تبديل دار جديدة في حي مجاور بمنزله العتيق، ليشرّق تارة ويغرب في أخرى بين جنبات فكره الرحب، قبل أن يهتدي أخيراً إلى بادرة مهاتفة شركة أهلية ملأت ملصقاتها الإعلانية أبواب منزله وجملة من الحوانيت التجارية المتزاحمة حوله. وبعد مهاتفته إياها، دبت سريعاً حركة «جيوش» العمال الذين قدموا سراعاً من كل حدب وصوب إلى دار آل المدني، حيث نقلوا الأثاث إلى جهة مجهولة، وحين حاول «مدني» الاتصال بهم على الرقم المدون في الملصق وجد هاتفهم مغلقاً. عندها علم أنه وقع ضحية عملية نصب فقد فيها كل أثاثه. فشد ليتقصى عن الشركة في فرع وزارة التجارة والصناعة، لعله يعثر على أثر ل «عفشه» الذي أفنى كل ماله في تحصيله، إلا أن الأخيرة نفت وجود شركة بهذا الاسم، وواسته بأنه ليس الوحيد الذي وقع ضحية لعمليات نصب الشركات الوهمية، « تحت شعار نقل الأثاث في المدينةالمنورة». ولم يكن مدني الضحية الوحيدة للشركات الوهمية، كما أكد فرع وزارة التجارة والصناعة، فهناك عمر الصافي الذي يرى أنه من السهل طباعة ملصق تزعم فيه ممارسة أي نشاط، ووضعة في الطرقات العامة من دون حسيب، «فهناك الكثير من الملصقات لشركات توضع على المنازل بالمدينةالمنورة لا توجد لها سجلات في وزارة التجارة والصناعة و«ليست هناك رقابة عليها». ولا تزال ذاكرة الصافي تختزن حادثة استعانته بشركة لنقل الأثاث، عبر ملصقات وضعت على أبواب وحوائط الحي، إذ تبين له أن السائق الذي يقود المركبة مواطن، فيما بقية العمال وافدون، لا يجيدون نقل الأثاث بالطريقة الصحيحة، فحين طلب منهم تغليف بعض الأجهزة التي قد تتعرض للكسر، اتضح أنه لا توجد لديهم أي مهارات في ذلك، بل حين طلب الحديث إلى مسؤول الشركة أجابوا أنه مسافر. ودخل الصافي في حال من الذهول بعد أن علم أن الشركة لا تمتلك مقراً رسمياً، « فهي على حد زعم العمال في طور التأسيس». فطلب منهم إعادة أثاثه إلى داره القديمة سريعاً، وهو يتساءل عن السهولة والأريحية التي يعمل بها أولئك المخالفون، خصوصاً حين تبين له أن غالبية الشركات التي وزعت ملصقاتها على الحوائط والأبواب لا تمتلك أي وثائق رسمية في وزارة التجارة والصناعة.