سجلت الفنادق الباريسية تراجعاً ملحوظاً في نسبة الإشغال تأثراً بقانون الطوارئ المفروض على خلفية الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «الاعتداءات الأخيرة أثرت على السياحة في باريس، والتي تعتمد بشكل أساسي على الحياة الليلية والعروض الثقافية، فبعد هجوم شارلي ايبدو ألغيت 68 في المئة من الحجوزات في المطاعم والمقاهي، ومع حلول أيلول (سبتمبر) الماضي استعاد الزبائن ثقتهم مجدداً لكن على نحو ضعيف، وازداد شعورهم بالأمان بنسبة بلغت 2.6 في المئة». وتعتبر فرنسا، بحسب موقع «بي بي سي»، الأولى على مستوى العالم من حيث عدد الزوار، إذ بلغ عددهم 83 مليون سائح أجنبي في العام 2013، في الوقت الذي تشكل السياحة سبعة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، لذلك وبعد الاعتداءات الأخيرة انخفض مؤشر السوق المالي الفرنسي، كما انخفضت أسهم الخطوط الفرنسية خمسة في المئة. ووفقاً لأرقام البنك الدولي، فإن فرنسا هي ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وسادس أكبر اقتصاد في العالم، ويشكل ناتجها الاجمالي 15.3 في المئة من إجمالي ناتج الإتحاد الأوروبي، وتساهم ب16.27 في المئة من الموازنة التشغيلية للاتحاد الأوروبي. وتحتاج أوروبا إلى بقاء فرنسا قوة اقتصادية وسياسية. وذكر موقع «سي ان بي سي» الاقتصادي أن الاعتداءات قد تؤثر على الاقتصاد الفرنسي والاقتصاد الأوروبي على نحو عام لفترة طويلة المدى، وذلك استناداً الى أرقام سابقة تتعلق بالاقتصاد البريطاني والاسباني وتأثرهما بعد هجمات إرهابية طالتهما في العامين 2004 و 2005. وأفاد موقع «انفستوبيديا» أن «الاعتداءات الأخيرة من المحتمل أن تؤدي مباشرة إلى انخفاض الانفاق الاستهلاكي، ومن المرجح أن يقلل المستهلكون من ارتياد أماكن عامة في باريس مثل المحال التجارية والمقاهي والمطاعم، ما سيؤدي الى انخفاض في النفقات». وتوقع خبراء أن تتراجع الحركة التجارية والتسوق على رغم اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة، فيما يرجح آخرون أن هذا الضرر قد يقابله ارتفاع في عمليات التسوق عبر شبكة الانترنت. وقال الخبراء إن الانفاق الاستهلاكي يرتبط كذلك بالحالة الذهنية والنفسية للمستهلك وليس فقط بمستويات الدخل. فالإعتداءات الأخيرة ستؤدي الى انخفاض في مشتريات مثل السيارات أو الشاشات الكبيرة، والتي تشترى عادة في أوقات يكون فيها الشخص سعيداً، وبالتالي فإن الأثر النفسي بسبب هذه الاعتداءات سيأثر على توجهات انفاق المستهلكين. وأوضح موقع «انفستو بيديا» أن الاعتداءات قد تؤثر كذلك على اتفاق «شنغن» بين دول الاتحاد الأوروبي، والذي يسمح لمواطني 26 دولة أوروبية بالتنقل الحر في ما بينها. وساعد اتفاق «شنغن» على ازدهار الاقتصاد وتكامله في أوروبا والعالم، عبر تسهيل نقل البضائع بين الدول الاعضاء، وخفض كلف الشحن والتأخير على النقاط الحدودية. ومن شأن الغاء هذا الاتفاق أو تعديله أن يؤدي إلى انخفاض الأعمال التجارية وتضرر الاقتصاد الأوروبي والعالمي.