بغداد - أ ف ب - يؤدي غياب ثقافة تأهيل المباني القديمة العراقية وصيانتها الى تلاشي التراث المعماري لبلاد الرافدين، حسب معماريين عراقيين طالبوا المسؤولين المعنيين بإقرار قوانين للحفاظ على الطابع الجمالي لهذه الأماكن. وقال المعماري خالد السلطاني: «يفترض ان تكون أعمال صيانة المباني وتأهيل المدن تقليداً سنوياً تضطلع بمهمته الدوائر التي تعنى بالجانب الحضاري والمعماري، وان تتبنى قيم الحداثة الى جانب الحفاظ على التاريخ والتراث». واضاف بعد تقديمه بحثاً حول الحفاظ على مراكز المدن وإعادة تأهيلها: «هناك ظروف قسرية مر بها العراق أدت الى تدهور الهوية المعمارية للمدن، خصوصاً بغداد منذ خمسينات القرن الماضي». وأضاف: «لكن الأكثر تأثيراً لما تعرضت له العمارة العراقية يأتي بسبب الافتقار لثقافة الصيانة، فالمباني تبقى قائمة لسنين من دون أعمال تأهيل او ترميم يفترض ان تكون سنوية». ولفت السلطاني الى ان «غياب الثقافة المعمارية وثقافة صيانة المباني سيؤديان الى نتائج كارثية». ويحضر أعمال هذا المؤتمر عشرات المهندسين المعماريين والمهتمين بالعمارة وصيانة المدن والاماكن التراثية من بلدان أوروبية عدة. وأعرب السلطاني عن أمله في ان تتبنى الحكومة قوانين تحافظ على هوية المدن وتحمي الأماكن التراثية وتراعي المزج بين العمارة الحديثة وجماليتها مع المباني القديمة لأنه «من دون ماض وتاريخ وتراث لا يمكن ان تتوظف الحداثة في شكل متكامل». وقدمت الباحثة الفرنسية في شؤون العمارة سيسيليا بييري التي أنجزت العام الماضي كتاباً بعنوان « بغداد العمارة الحديثة والتراث»، مقارنة بين التراثين الفرنسي والعراقي. وأوضحت ان « قيمة التراث المعماري ليست مرتبطة بمدته الزمنية فقط انما بما يمثله من اهتمام تاريخي جمالي واجتماعي، ففي فرنسا يتم الحفاظ على التراث المعماري لأحياء بكاملها، وهو متنوع بين صناعي ومعماري وأجنبي مثل الموريسك والياباني، لأن كل ما يساهم في تكوين المشهد العام يستحق الحفاظ عليه». وأضافت ان «التراث يجسد قيم الذاكرة الجماعية والحضارية وكذلك المشاريع المجتمعية بالنسبة للمستقبل فالاديب الفرنسي هوغو يقول ان المبنى يعود للمالك لكن جماليته تعود للجميع». ودعت بييري المسؤولة في دار نشر تعنى بحماية التراث في باريس الى ضرورة الحفاظ على التراث الحديث وصيانته. وأشارت الى ان فرنسا تستقبل أكثر من ثمانين مليون سائح سنوياً يستمتعون بزيارة الاحياء التراثية خصوصاً، فهذا البلد كان في طليعة البلدان التي أقرت قوانين أواخر القرن الثامن عشر للحفاظ على التراث بعد الدمار الذي أحدثته الثورة الفرنسية.