طغت موجة الخلافات من جديد على جلسات الدورة ال 19 لمؤتمر المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد حالياً في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة ، بعد أن شهدت الجلسات العلمية المخصصة لمناقشة الجراحات المستعجلة اصطدام الرأي الطبي بالحكم الفقهي، في مفارقة جديدة تضاف إلى سلسلة مفارقات المؤتمر الفقهي المثير للجدل. ففي الوقت الذي رأى فيه الأطباء أنه «يستوجب على الطبيب مسايرة رغبات المريض وعدم التدخل وفقاً لقناعاته لإجراء الجراحات المستعجلة»، خالفهم الفقهاء بشدة، مطالبين بضرورة التدخل الطبي «على رغم أنف المريض» بغية إنقاذ حياته!. وتساءلت الدكتورة ناهد السيد عن تبعات تنفيذ رغبة الفقهاء الذين قالوا بأنه «لا يجوز للطبيب الانصياع لرأي المريض الذي يرفض إجراء جراحة ضرورية لإنقاذ حياته»، وذلك من حيث النفقات المادية والتي سيرفض ذوو المريض تحملها، فهل ستلقى على عاتق الطبيب أم «ستتحملها المجامع الفقهية؟!». وحذر الدكتور يوسف الشبيلي من استغلال بعض المستشفيات الخاصة لهذه الفتاوى وتسخيرها كورقة دعم ترتكز عليها في إطار سعيها الحثيث نحو المكسب المادي، وذلك عبر إجرائها جراحات ليست ضرورية لمرضاها. وطالب بضرورة التفرقة بين حالتين «أولاهما أخذ الإذن من المريض، والثانية إذا كان قاصراً والحالة مستعجلة وطارئة، وهنا يجب أخذ الإذن من اللجنة الطبية»، وفي حال رفض المريض إجراء الجراحة بغير مسوغ مقبول «يرى الفقهاء إجراء الجراحة دون الأخذ في الاعتبار رأي المريض أو رغبته». وشدد الدكتور محمد البار على أن تطبيق التأمين الصحي وتوفير الخدمة العلاجية للمواطنين يعتبر معول هدم للكثير من المشكلات والسلبيات التي استشرت في الأوساط الطبية العربية، ما سبب تضاؤل مساحات الثقة في الأطباء داخل خوالج العرب. وتخالفه الدكتورة ماجدة هزاع التي أكدت الثقة بالأطباء الذين خالف بعضهم الأنظمة المعمول بها حالياً في بعض البلدان العربية وأجروا جراحات لمرضاهم دون الحصول على الإذن الخطي المطلوب، إلا أن تلك المخالفة «كانت ضرورية، والطبيب الذي يعرف مدى خطورة الحالة يملي عليه واجبه المهني والإنساني التدخل لإنقاذ حياة بريئة أعماها الخوف أو الجهل». وخلص الأطباء والفقهاء إلى المطالبة بإنشاء لجان طبية متخصصة يعهد إليها تنظيم تشريعي يحدد للأطباء التدخل الجراحي في الجراحات الضرورية دون النظر إلى رأي الجهة القضائية. ومن جهة ثانية، ساد جو الاتفاق أجواء الجلسات المخصصة لمناقشة موضوع صيام مريض السكري على غير العادة، خصوصاً وقد اتفق الفقهاء على أن الطبيب الثقة هو من يقرر مدى قدرة مريض السكري على الصيام من عدمها بحسب درجة مرضه وأثر الصيام عليه. واستغرب الدكتور حامد أبو طالب تنامي أصوات المنتقدين الذين وصفوا الموضوع بغير المهم، وقللوا من أحقية وضعه داخل جدول أعمال الدورة الحالية للمجمع الفقهي الإسلامي الدولي. وقال الدكتور أبو طالب: «إن مصدر أهمية الموضوع تكمن في أن نسبة مرضى السكري وصلت إلى 26 في المئة داخل السعودية، ما يعني انهم سيفطرون في رمضان ويشوّهون المظهر العام في الشوارع والطرقات السعودية في أيام الشهر الفضيل، ما سيتسبب في رد فعل عنيف داخل المجتمع السعودي المحافظ». وشكك الدكتور محمد الشريف في صحة الإحصاءات المتداولة في العالم الإسلامي عن نسبة المصابين بمرض السكري، واتهمها بالمبالغ فيها، وذكر أن النسبة الكبرى من مرضى السكري في العالم الإسلامي تعود إلى مرضى الدرجة الثانية الذين يعالجون بالحبوب والحمية. وذكر الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي الدكتور عبدالسلام العبادي أن البحوث المقدمة لم تطلق مسألة إباحة فطور مريض السكري بل «وضعت ضوابط إفطاره وربطته برأي الطبيب المعالج الثقة».