توعد مدير إدارة جدة التاريخية في أمانة جدة الدكتور عدنان عداس بتطبيق قانون «الاستحواذ المدفوع» على مباني جدة التاريخية، إذا ثبت الاستخدام «الجائر» لها من قبل السكان، سواء بتحويلها إلى مستودعات أو تأجيرها للعمالة الوافدة. وقال مدير إدارة جدة التاريخية في أمانة جدة ل«الحياة»: «للأمانة الحق في الاستحواذ على المباني التي يثبت إهمال ملاكها لها في جدة التاريخية، بهدف ترميمها وإصلاحها والاستفادة منها فيما بعد، بحسب توجيهات أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل». مشيراً إلى أن ذلك يجري مع ضرورة دفع قيمة «تعويضية» بشكل مستمر لأصحاب تلك المباني. وأوضح عدس أن نظام الآثار السعودي كفل لمباني تلك المنطقة حمايتها والمحافظة عليها، خصوصاً أنها تعد تراثاً لجدة، لافتاً إلى أن النظام الذي صدر في عام 1392 ينص على حماية الآثار في السعودية وعدم هدمها، «ومسؤولية الحفاظ عليها تقع على ملاكها والدولة كذلك». وأشار إلى أن هناك مسؤوليات تقع على المالكين لتلك العقارات التاريخية منها عدم إهمالها وصيانتها بشكل دوري، من خلال منح قروض لملاك تلك العقارات من بنك التسليف، موضحاً أن المنح تصرف للراغبين في ترميم منازلهم وتحويلها لمشاريع استثمارية ذات دخل كمطاعم أو مكتبات أو متاحف. ولفت مدير إدارة جدة التاريخية إلى وجود اشتراطات لا بد من توفيرها قبل طلب القرض، محدداً تلك الاشتراطات بوجود دراسة تفصيلية للمشروع الاستثماري المراد إنشاؤه في الموقع التاريخي، مشدداً على أهمية تقديم درس متكامل عن المشروع من مكتب دراسات استشارية، يوضح تفاصيل المشروع وخطوات تنفيذه لإدارة التطوير العمراني لمنطقة جدة التاريخية. وأضاف عدس: «إن الإدارة تدرس المشروع وتتم معاينة الموقع على الطبيعة ومن ثم تقدر كلفة الترميم التي تتراوح في العادة ما بين 2500 و5000 للمتر المربع الواحد». ملمحاً إلى أن ارتفاع حجم تقدير مبالغ الترميم يعود إلى ارتفاع كلفتها عن الإنشاء الجديد، وأفاد أن عملية الترميم تشمل إعادة تمديد شبكات التصريف والمياه والكهرباء، وترميم أساسات المبنى، ووضع مواد عازلة للرطوية وإصلاح المشغولات الخشبية الخارجية للمبنى كافة (الروشان)، إضافة إلى الترميم الخارجي له. مؤكداً أنه في حال استيفاء الطلب للاشتراطات اللازمة كافة، يتم تحويله إلى بنك التسليف والادخار، «ليبدأ في صرف القرض على هيئة دفعات تتناسب مع خطوات المشروع». واستدرك مدير إدارة جدة التاريخية بالقول: «للأسف إن هذه المنطقة أهملت منذ 30 عاماً، ولم تكن عمليات ترميم للمباني فيها بالشكل المطلوب، إذ من المفترض تحويلها إلى منطقة سياحية تراثية»، مشيراً إلى أن الأمانة نفذت مشاريع إعادة البنية التحتية وإصلاحها وسفلتة وإنارة ورصف تلك المنطقة، «بيد أن إعادة ترميم مبانيها لم تكن بالمستوى المطلوب، لا سيما أنها ملكية خاصة». بدوره، أوضح مدير إدارة المنطقة التاريخية السابق سامي نوار أن مساحة المنطقة التاريخية في جدة تزيد على الكليو متر المربع، مقسمة إلى أربع حارات، الشام، والمظلوم، واليمن، والبحر، إضافة إلى عدد من الأسواق أشهرها أسواق قابل والعلوي والبدو. وبيّن نوار أن منطقة جدة التاريخية تضم350 منزلاً تراثياً من أصل 1600 مبنى، وهو المجموع الإجمالي لمباني هذه المنطقة، لافتاً إلى أن المباني التراثية تتميز بطرق بنائها التي تعتمد على الحجر والطين والأخشاب، ويصل ارتفاع البعض منها إلى30 متراً. وذكر مدير «جدة التاريخية» السابق أن طرق بناء المنازل في المنطقة التاريخية تشبه ما يستخدم حالياً في تشييد المباني الحديثة، إذ تتلخص الطريقة القديمة في رصف الحجر في مداميك، تفصل بينها قواطع خشبية بهدف توزيع الأحمال على الحوائط لكل متر تقريباً، إضافة إلى وجود ما يعرف ب «ملاقف» على غرف المنزل كافة، واستخدام «الروشان» التي تصنع من الأخشاب المزخرفة، وبأحجام ومساحات كبيرة للمساعدة على دخول وتحريك الهواء وانتشاره داخل المنزل، إضافة إلى إلقاء الظلال على جدار المنزل الخارجية لتلطيف وتخفيف حرارة الجو. وأشار إلى أن من أشهر تلك المنازل التراثية التي لا تزال موجودة في جدة التاريخية، بيوت نصيف وزينل وقابل والزاهد وباعشن وباناجة وجمجوم، موضحاً أن كلفة الإيجارات في المنطقة تختلف بحسب الموقع، «إذ ترتفع في مناطق الأسواق ليصل سعر إيجار المتر المربع الواحد إلى 300 ريال سنوياً». وألمح نوار إلى أن إيجارات المحال التجارية في تلك المنطقة تصل إلى 80 ألف ريال، في حين أن الشقق السكنية تختلف قيمة إيجارها بحسب نوعية البناء، مفيداً أن البيوت القديمة التقليدية لا يتجاوز إيجارها السنوي 6000 ريال، في حين يبدأ إيجار الشقق في العمائر الحديثة في تلك المنطقة من 15 ألف ريال وينتهي ب25 ألف ريال، « فيما يعتمد سعر بيع المتر المربع للبيوت التراثية على موقعه داخل المنطقة، ويتراوح ما بين 8000 و15 ألف ريال للمتر المربع الواحد».