حذّرت سورية أمس من أن الغارات التي شنتها إسرائيل ليلة الثلثاء - الأربعاء على قواعد للجيش السوري في الجولان «تعرّض أمن المنطقة واستقرارها للخطر وتجعلها مفتوحة على جميع الاحتمالات». لكن دمشق لم تكرر تهديدها الذي دأبت على إطلاقه في السابق من أنها سترد على ضربات إسرائيل في الزمان والمكان المناسبين، ما يمكن فهمه بأن دمشق ليست راغبة في التصعيد أكثر مع الدولة العبرية. وبعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي أن قواته ضربت في غارات جوية وقصف مدفعي مواقع تابعة للجيش السوري رداً على عملية تفجير استهدفت دورية للجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتلة، أعلنت «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية» أن قتيلاً وسبعة جرحى سقطوا في سلسلة هجمات شنها «العدو الصهيوني» على مواقعه في الجولان. وجاء في بيان لقيادة الجيش السوري: «في خرق جديد لاتفاق فصل القوات، قام العدو الصهيوني بعد ظهر (أول من) أمس بإطلاق عدد من قذائف المدفعية والدبابات والصواريخ المضادة للدروع بالقرب من قرية سحيتا وعلى المرتفع /1023/ متسبباً بوقوع خسائر مادية». وأضاف البيان أن «طيران العدو الصهيوني استهدف صباح اليوم (الأربعاء) مواقع كوم الويسية ونبع الفوار وسعسع في محيط القنيطرة، ما أدى إلى استشهاد عنصر وإصابة سبعة آخرين بجروح». ولفت البيان إلى أن «هذا العدوان جاء متزامناً مع هجوم أعداد من الإرهابيين من اتجاه الأردن على السجن المركزي في مدينة درعا»، في محاولة لربط هجوم الثوار على السجن بما تقوم به إسرائيل في الجولان. واعتبر البيان أن الضربات الإسرائيلية «تأتي كمحاولة لصرف الأنظار عن الانتصارات المتلاحقة التي يحققها الجيش العربي السوري وبخاصة الإنجاز الكبير في يبرود الذي وجّه ضربة صاعقة للتنظيمات الإرهابية وداعميها وفي مقدمهم الكيان الصهيوني». وكان البيان يشير إلى سيطرة الجيش السوري، بمساعدة مقاتلين من «حزب الله» اللبناني، على يبرود الاستراتيجية في منطقة القلمون المحاذية للحدود اللبنانية. وفي وقت أكدت قيادة الجيش السوري «عزمها وإصرارها على مواصلة حربها على التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها»، فإنها حذّرت «من أن هذه المحاولات اليائسة للتصعيد وتوتير الموقف في هذه الظروف من خلال تكرار هذه الأعمال العدوانية من شأنها أن تعرّض أمن المنطقة واستقرارها للخطر وتجعلها مفتوحة على جميع الاحتمالات». ونقلت «فرانس برس» من القدس أن إسرائيل حذّرت أمس نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه سيدفع «ثمناً باهظاً» لمساعدته مجموعات ناشطة تسعى إلى شن هجمات عليها، كما حصل في الجولان المحتل ليلة الاثنين - الثلثاء. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء في جلسة مجلس الوزراء: «هاجم الجيش الإسرائيلي الليلة (قبل) الماضية أهدافاً في الأراضي السورية. هذه الأهداف تابعة لعناصر سورية لم تسمح بشن هجمات على قواتنا فحسب بل تعاونت مع المعتدين». وشدد نتانياهو: «نحن نضرب من يعتدي علينا»، مشيراً إلى أن الدولة العبرية ستواصل «منع نقل الأسلحة جواً وبحراً وبراً»، في إشارة إلى نقل أسلحة ومعدات عسكرية إلى «حزب الله» الشيعي اللبناني. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون في بيان «نعتبر نظام الأسد مسؤولاً عما يجري على أراضيه وانه إن واصل التعاون مع عناصر إرهابية تسعى إلى الحاق الأذى بدولة إسرائيل فسوف نجعله يدفع ثمناً باهظاً». وتابع يعالون بحسب ما أوردت «فرانس برس»: «لن نسمح بأي انتهاك لسيادتنا ولا بأي هجوم على جنودنا ومواطنينا وسنرد بحزم وقوة على كل من يتحرك ضدنا، في أي وقت وفي أي مكان، مثلما فعلنا هذه الليلة». وجرت الغارات الجوية الإسرائيلية بعد 12 ساعة من انفجار عبوة ناسفة في الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان بالقرب من خط وقف إطلاق النار مع سورية، ما أدى إلى إصابة أربعة جنود إسرائيليين. وأكد الجيش أن الجنود وهم من وحدة المظليين أصيبوا بانفجار عبوة ناسفة عندما نزلوا من المركبة العسكرية التي كانوا يستقلونها لفحص عبوة مشبوهة تم رصدها على طول خط وقف إطلاق النار. وعلى غرار العديد من المحللين الأمنيين الإسرائيليين، اعتبر الجنرال عاموس يادلين وهو رئيس سابق لجهاز الاستخبارات العسكرية أن النظام السوري متورط في الهجوم الثلثاء على الدورية الإسرائيلية. وقال يادلين في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي «هجوم البارحة كان مهنياً، ولا يوجد أي شك بأن السوريين كانوا على علم به وقد يكونون قد قاموا به لحساب حزب الله». وأضاف: «هذا يغيّر قواعد اللعبة، وعندما يغيّر الطرف الآخر (سورية) قواعد اللعبة فإن إسرائيل يتوجب عليها إرسال رسالة بأن الثمن سيكون باهظاً للغاية». وأكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنير أن هناك «عدداً متزايداً من الهجمات عند الحدود وعلينا أن نكون مستعدين» من دون أن يوضح إن كان «حزب الله» حليف نظام الرئيس السوري مسؤول عن الانفجار الثلثاء. ولاحظت «فرانس برس» أن مرتفعات الجولان تشهد توتراً منذ بدء النزاع في سورية في 2011، إلا أن الحوادث فيها بقيت طفيفة واقتصرت على إطلاق نار بالأسلحة الخفيفة أو الهاون على أهداف للجيش الإسرائيلي الذي رد عليها في غالب الأحيان. وتعد إسرائيل وسورية في حالة حرب رسمياً. وتحتل إسرائيل منذ 1967 حوالى 1200 كلم مربع من هضبة الجولان التي ضمتها في قرار لم تعترف به الأسرة الدولية.