حذرت أوساط سياسية وحقوقية من التبعات القانونية والسياسية التي قد تترتب قبل إقرار التعديلات الدستورية التي اقترحها «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، وبعده، في إشارة الى احتمال حصول عاصفة سياسية وقانونية تدفع بتركيا الى الاحتكام الى انتخابات اشتراعية مبكرة او الدخول في دوامة قضائية. ودافع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عن مسودة التعديلات الدستورية التي قدمتها حكومته، مشيراً الى نيته تمرير هذه الحزمة حتى لو اضطر الى إجراء استفتاء شعبي، بعد اعلان المعارضة البرلمانية رفضها تأييد تلك التعديلات. ففيما اعتبر «حزب الشعب الجمهوري» الاتاتوركي التعديلات خطرة، ونابعة من خشية الحزب الحاكم من مواجهة قضية حظر جديدة، مشدداً على ان بعض المواد المقترحة يتعارض مع روح الديموقراطية، طالب «حزب الحركة القومية» بتأجيل النظر في الموضوع الى ما بعد الانتخابات المقبلة، بينما أبقى «حزب السلام والديموقراطية» الكردي الباب مفتوحاً لتقديم الدعم، شرط إضافة تعديل آخر يفسح في المجال أمام التعليم باللغة الكردية في المدارس الحكومية ويخفّض النسبة المطلوبة لدخول الاحزاب الى البرلمان من 10 الى 5 في المئة من مجموع أصوات الناخبين، وهذه شروط تستبعد اوساط الحزب الحاكم قبولها. وانتقد حقوقيون ما تضمنته التعديلات، شكلاً ومضموناً، وفي مقدمهم البروفيسور ابراهيم كابوغلو أستاذ القانون الذي كان الحزب الحاكم كلّفه مشروع كتابة مسودة دستور جديد للبلاد، لم ترَ النور بسبب رفض المعارضة والجيش قبل خمس سنوات. ويؤكد كابوغلو وجود تعديلات مهمة وفي محلها، لكنه يعترض على ان الهدف منها هو الارتقاء بالديموقراطية في تركيا، لافتاً الى ان مصلحة الحزب الحاكم مُغلّبة بقوة، بدليل سعيه من خلال هذه التعديلات الى منع حلّ الأحزاب من جانب المحكمة الدستورية، لكنه لم يرفق بهذه التعديلات ما يطالب به الاتحاد الاوروبي منذ زمن بعيد، وهو تعديل قانون الاحزاب من اجل منع تسلط وتحكم الزعيم بكل مقدرات الحزب، اضافة الى خفض العتبة البرلمانية، وهذا أمر يرى فيه كابوغلو تناقضاً كبيراً. وفيما يدعم كابوغلو إخضاع الجيش للمحاكم المدنية بحسب التعديلات المقترحة، يشير الى اعطاء التعديلات دوراً اكبر للبرلمان والرئيس في اختيار اعضاء المحكمة الدستورية والهيئة العليا للقضاء، ما يعني سيطرة الحكومة والرئيس على تركيبة الجهاز القضائي، وهذا أمر له دلالاته، خصوصاً أنه يأتي على خلفية سجال قوي بين الحكومة والقضاء خلال الشهور السابقة. اما البروفيسور نجمي يوزباشي فيؤكد خطأ وضع كل مواد التعديلات ال26 في سؤال واحد، في حال عرضها على استفتاء شعبي، لأن المواطن لن يكون أمامه سوى قبول التعديلات او رفضها كلها، علماً أنها تتضمن مواد إيجابية وأخرى تعتبر بمثابة رشوة للمواطن لا يمكنه ان يرفضها، مثل محاكمة الانقلابيين وإعطاء موظفي الدولة حق العقود الجماعية، من اجل تمرير مواد أخرى لا يوافق عليها المواطن. ويقول الكاتب الصحافي اوكتاي اكشي ان الحزب الحاكم يسعى الى إخضاع القضاء لإرادته، بعد ترويض الجيش، لافتاً الى أن هذه التعديلات ستثير بلبلة كبيرة، خصوصاً في ما يتعلق بفتح الباب أمام عودة آلاف المطرودين من الجيش خلال السنوات الماضية، بتهمة الانتماء الى جماعات إسلامية.