هيمن التفاؤل النسبي على المسؤولين الخليجيين المشاركين في منتدى «مستقبل الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي نظمته الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب) أمس في المنامة، في ما يتعلق بمستقبل النفط، الذي يمثل «العمود الفقري» لاقتصاد هذه الدول. فعلى رغم أن وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي النعيمي، رأى أن الاقتصاد العالمي يمر بوضع «غير مستقر» خلال عامي 2014 و2015، إلا أنه قال: «إن الطلب على النفط مستمر في الارتفاع سنة بعد أخرى»، متوقعاً أن يرتفع متوسط الطلب سنوياً خلال هذا العقد بأكثر من مليون برميل يومياً، لافتاً إلى وجود انخفاض طبيعي في النقل والإنتاجية لحقول النفط في العالم يقدر بنحو 4 ملايين برميل يومياً، وهو ما يعني أن صناعة النفط بحاجة إلى إضافة طاقة إنتاجية تقدر بنحو 5 ملايين برميل يومياً سنوياً؛ لتعويض الانخفاض. وألمح الوزير السعودي في كلمة له أمام المنتدى، إلى أن الطلب على النفط سيستمر، وأن السوق تستوعب النمو في هذا القطاع، مشيراً إلى دور السعودية في الحفاظ على استقرار السوق النفط وسعيها الحثيث للتعاون مع كل الدول المنتجة والمصدرة للنفط، سواءً من داخل منظمة «أوبك»، أو خارجها؛ للحفاظ على صدقية عالية في الأسواق الإقليمية والعالمية. ودعا وزير البترول والثروة المعدنية السعودي إلى المزيد من العمل العربي الاقتصادي المشترك، وبخاصة في مجال النفط والغاز، إذ إن الوطن العربي من أهم مناطق العالم في معادلة الإنتاج والاستهلاك العالمي من النفط في الاحتياطات المكتشفة وغير المكتشفة، مع حاجة المنطقة إلى الاستثمار في مختلف مراحل الصناعات النفطية واستمرار النمو الاقتصادي وتحقيق متطلبات الحياة الأساسية. وأوضح علي النعيمي أن الوطن العربي يملك أكثر من 56 في المئة من إجمالي الاحتياط العالمي المعروف من النفط. كما يملك أكثر من 27 في المئة من إجمالي احتياط الغاز الطبيعي على مستوى العالم، لافتاً إلى أن هذه النسب العربية مرشحة للزيادة خلال السنوات المقبلة مع تطور تقنية الاكتشاف والإنتاج والتوزيع، مبيناً أن حجم استهلاك النفط في العالم العربي يبلغ نحو 9 ملايين برميل يومياً، أي نحو 10 في المئة من إجمالي الاستهلاك العالمي. ولفت إلى أن دولاً عربية «تشهد أوضاعاً سياسية غير مستقرة، ومن ثم تكمن أهمية مضاعفة التعاون العربي الاقتصادي في هذا التوقيت»، متوقعاً أن تستمر الاقتصادات العربية معتمدة على النفط لعقود عدة، وهو ما يعني ضرورة تطوير هذه الصناعة وتوسعها وتوفير الحلول لتمويلية المناسبة وزيادة الإنتاج ورفع الاحتياطات. من جانبه، أكد وزير الطاقة البحريني الدكتور عبدالحسين ميرزا، استمرار البحرين في البحث عن مكامن جديدة للنفط والغاز في مناطق غير مستكشفة براً وبحراً، مع مواصلة إنتهاج استراتيجيات تضمن استقرار معروض الطاقة في المملكة، والارتقاء في مستوى معيشة المواطنين، انسجاماً مع رؤية البحرين الاقتصادية لعام 2030. وقال ميرزا في افتتاح منتدى «أبيكورب»: «إن الهبوط الحاد لأسعار النفط، وتقلبات أسواق الطاقة العالمية، لم تمنع دول وحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المينا) من الاستمرار في مشاريعها النفطية والغازية، وإنفاق ما مجموعه 755 بليون دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وستكون حصة الأسد منها (87 في المئة) من الوطن العربي، أي نحو 658 بليون دولار». وشدد على «سعي البحرين الدؤوب لتنويع مصادر الدخل، مع تعزيز معدلات التشغيل وخفض الكلف للحفاظ على التنافسية، منذ انخفاض أسعار النفط منذ حزيران (يونيو) 2014 ووصولها إلى نحو نصف المعدل الذي كانت عليه في صيف العام الماضي». وأشار ميرزا إلى مستقبل مستقر وفق خبراء النفط، على رغم وجود عثرات تعترضها، مبيناً أن مشروع بناء خطي أنابيب بين البحرين والسعودية مستمر، وتمت ترسيتهما على شركتين بعد أن فازا بالعقود في منافسة شديدة من الشركات العالمية. وأضاف: «أدركنا في البحرين استغلال الانخفاض الحاصل في أسعار النفط كفرصة؛ للمضي قدماً في إحداث تغييرات جوهرية وتحسينات تشغيلية وترشيد الكلف والإنفاق لما فيه مصلحة الاقتصاد الوطني ومنفعة المواطنين في المحصلة النهائية»، مشيراً إلى أن المنتدى يشكل «منصة حيوية لقادة الصناعة الإقليمية والخبراء والشركات لإيجاد الحلول العملية لقضايا الطاقة الإقليمية وضمان مستقبل مستدام لمصلحة جميع الناس في المنطقة والعالم». وبيّن الوزير البحريني أن ما يميز منتدى «أبيكورب» للطاقة هو «البحث في ثلاثة محاور استراتيجية هي: السياسات والرؤية المستقبلية والتمويل، من خلال ضمان كفاءة الطاقة وإدارة الطلب والاستخدام المتوازن لمجموعة أوسع من المواد الأولية، وإيجاد طرق جديدة لسد النقص في الدخل، والبحث عن طرق مبتكرة لتمويل المشاريع الخاصة والعامة، إضافة إلى تحديد أولويات الإنفاق في سوق متجهة نحو الهبوط، وسبر أغوار صنع القرار بشأن أهم الاستثمارات الرأسمالية في عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج وعمليات التكرير والتوزيع». مسؤول إماراتي متفائل بتحسن الأسعار خلال 2016 دافع وكيل وزارة النفط الإماراتي مطر النيادي، عن سياسة «أوبك» في عدم خفض الإنتاج، وأكد أنها «صحيحة، وأن السوق ستتغير خلال العام المقبل نحو الأفضل»، مبدياً تفاؤله بتحسن الأسواق وبزيادة الطلب العالمي على النفط، إلا أنه لم يعط توقعاً إلى مستوى الأسعار الذي ستصله في 2016. وحول تحرير أسعار الوقود، أوضح أنه لم تكن هناك صدمة في السوق، وأن المواطنين تقبلوها، مبيناً أن تهيئة لهذا التحرير حدثت قبل عامين، والآن تغيرت الأسعار بسبب انخفاض أسعار النفط، فيما أكد أن الإمارات مهتمة بالطاقة البديلة، ولديها مشارع مهمة في هذا الجانب وخطط لتطويرها وتحسينها، إضافة إلى مشاريع بيئية، من بينها تقليل انبعاثات الكربون. «أبيكورب»: 174 بليون دولار موَلت 500 صفقة بترولية قال رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب) الدكتور عابد السعدون، إن الشركة نجحت منذ تأسيسها في العام 1975 في تمويل أكثر من 174 بليون دولار في أكثر من 500 صفقة تمويلية تجاوزت حصة «أبيكورب» فيها 13 بليون دولار. وأوضح السعدون في افتتاح منتدى «أبيكورب» للطاقة في المنامة أمس، أن الشركة لعبت خلال 40 عاماً دوراً حيوياً في تعزيز قطاع الطاقة على مستوى المنطقة وتحديداً الصناعات النفطية، وضخت مبالغ كبيرة باستثمارات مباشرة وتمويل مشاريع حيوية. وبين أن «أبيكورب» التي تأسست من الدول الأعضاء بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (وابك)، استثمرت في رؤوس أموال عدد من الشركات، إذ تجاوزت القيمة السوقية لمحفظتها الاستثمارية 1.2 بليون دولار. وذكر أن الإسهامات الممتدة على مدى 40 عاماً أدت إلى تحقيق نتائج مالية مميزة وعززت الموقف المالي ل«أبيكورب»، إذ نمت حقوق المساهمين منذ تأسيسها أكثر من 11 مرة، فيما نمت الأصول أكثر من 34 مرة، إضافة إلى زيادة رأس المال من 340 مليون دولار في 1975 إلى بليون دولار. ونوه باعتماد «أبيكورب» استراتيجية جديدة لغاية 2018 أهم ملامحها التركيز على استقطاب الكفاءات المميزة والتوازن في جانب الأصول ومحفظة الاستثمارات والقروض، وبناء محفظة مثالية للمواءمة بين العائد ودرجة المخاطر، وتحقيق أعلى درجات الكفاءة التشغيلية وتطبيق أفضل الممارسات وتطوير برامج تمويلية جديدة تدعم المؤسسات صغيرة الحجم، وتشجيع دخول مستثمرين جدد من خارج المنطقة، وتوطين التقنية الحديثة.