استعار طاقية رفيقه ليذهب بها الى إحدى المناسبات. وبعد أيام، فوجئ بوجود بقعة دائرية فاقدة للشعر في رأسه. استشار سريعاً طبيباً مختصاً بالأمراض الجلدية، وما أن وقعت أنظار الطبيب على الآفة حتى بادره بالقول أنه مصاب بمرض فطري اسمه القراع. استغرب المريض كلام الطبيب، وبعد أخذ وردّ معه اتضح أن الطاقية هي سبب إصابته بالمرض. تعتبر فروة الرأس التي تغطي الجمجمة من أكثر المناطق الحساسة المعرّضة للأمراض المعدية، فالميكروبات والحشرات والفطريات تستطيع غزوها بسهولة لتعيش على سطحها أو تتغلغل في أعماقها، الى درجة أنها قد تصبح منطقة قاحلة خالية من الشعر. ويعتبر استعمال الأدوات المشتركة، كالطاقية، فرشاة الشعر، المشط، المنشفة، والأكسسوارات (عند الجنس اللطيف)، من أهم مصادر العدوى بأمراض فروة الرأس المعدية، نعرض هنا أهمها: - القراع، وهو مرض فطري ينتشر بكثرة بين طلاب المدارس وفي الأماكن المكتظة. وتشاهد الإصابة لدى الذكور أكثر من الإناث، لأن شعرهم يكون قصيراً عادة، ما يسهّل وصول الفطريات الى الفروة وبالتالي تعرّضها للمرض. وتهاجم الفطريات المادة الكيراتينية للشعر والجلد، مسبِّبة تفتّتها وبالتالي تساقط الشعر في المنطقة المصابة، التي تبدو دائرية الشكل يظهر فيها الشعر وكأنه مقصوص بالمقص أو آلة الحلاقة. ويعود الشكل الدائري للإصابة الى نشاط الفطريات في الوسط، التي ما أن تنتهي من وجبتها على المادة الكراتينية حتى تتّجه الى المحيط بعيداً من المركز، تاركة خلفها قشوراً تشكّل مصدراً مهماً للعدوى. وهناك أنواع من الفطريات التي تسبّب القراع، فمنها نوع يسبّب ظهور بقعة أو أكثر من البقع الخالية من الشعر، ومنها ما يهاجم كل فروة الرأس تقريباً، فنرى بقعاً خالية من الشعر مبعثرة هنا وهناك في كل أنحاء الفروة. ومنها ما يقود الى الإصابة بالتهابات شديدة والى نشوء الدمامل التي يمكن أن تقضي على بصلات الشعر نهائياً محدثة الصلع الدائم. ما العلاج؟ يتم العلاج بوصف مضادات الفطر المناسبة التي يجب تطبيقها بدقة وفقاً لتعليمات الطبيب. أما في خصوص الوقاية من القراع، فتتم بواسطة استعمال الأدوات الشخصية الخاصة فقط وعدم استخدام أدوات الغير، والعناية بنظافة الشعر دورياً، وتجنّب الاختلاط مع المصابين. - قمل الرأس، وهو مرض معد سببه حشرة القمل التي تعلق في الشعر بواسطة مخالبها القوية التي تملك كل قملة ستة منها. وتضع أنثى القمل المقيمة على الشعر بيوضها التي تلتصق بقاعدة الشعر قرب الفروة، وتفقس بعد أسبوع لتخلّف جحافل أخرى من حشرات القمل. ويجدر التنويه هنا، بأن القمل لا يستطيع العيش لأكثر من 48 ساعة خارج فروة الرأس لأنه يستمد طعامه من دم الشخص المصاب. في المقابل، فإن البيوض تستطيع أن تبقى على قيد الحياة لمدة تصل الى 10 أيام خارج الشعر. وتكثر العدوى بالقمل في المدارس ودور الرعاية والمخيمات وأماكن اللعب، وهي تحصل بسهولة عبر التلامس القريب بين شعر أو رأس الشخص المصاب ورأس الشخص السليم. ويمكن أن تحدث العدوى عبر استخدام أدوات الشخص المصاب الشخصية، مثل المنشفة، الطاقية، مشط الشعر، الملابس، والوسادة. ويعتبر الأطفال وأصحاب الشعر المجعد والشعر الطويل من أكثر الفئات تعرضاً للإصابة بالقمل. ويمكن رؤية القمل وبيوضه بالعين المجردة. ويتسبّب القمل في الشكوى من الحكة الشديدة ومن التقرحات والاحمرار في فروة الرأس، وقد تكون الحكة عنيفة الى درجة أنها تتسبب بحدوث الجروح والتقيحات نتيجة نشوء العدوى الجرثومية الثانوية، ما يزيد الوضع سوءاً. ما هو العلاج؟ استعمال شامبو خاص ضد القمل يباع في الصيدليات، وغسل ملابس كل أفراد المنزل، خصوصاً القبعات، وتعقيم الأدوات الشخصية، كفرشاة الشعر والأوشحة، وتنظيف كل الكراسي والأرائك التي على اتصال مع الرأس. كيف الوقاية؟ نظراً الى كثرة الإصابة بالقمل عند الأطفال، فإن مراقبة رؤوسهم عن كثب في شكل منتظم أمر مهم للغاية، إضافة الى تعليمهم عدم استخدام أدوات الغير، مثل القبعات، المخدات، الأمشاط، والمناشف، وعدم مخالطة المصابين بالمرض. - دمامل فروة الرأس، ويمكن فروة الرأس أن تكون محطة لهجوم جرثومي يؤدي الى ظهور حبوب ودمامل وتقرحات عليها، قد تترافق مع الهرش والاحمرار وارتفاع حرارة الجسم، وربما الى تساقط الشعر. ويعد التلامس المباشر وتبادل الطواقي والأمشاط وأكسسوارات الشعر من أهم مصادر العدوى بالجراثيم المسبّبة للدمامل. ما هو العلاج؟ استعمال مراهم موضعية مضادة للجراثيم، إضافة الى مضاد حيوي يؤخذ من طريق الفم. كيف الوقاية؟ إن تطبيق أسس النظافة المستمرة، وغسل الشعر باستمرار، وتفادي استعمال أدوات الغير، هي البنود الرئيسة للوقاية من دمامل فروة الرأس. - حصف فروة الرأس، وهو مرض جرثومي يصيب الرضع والأطفال الصغار، ويتظاهر على شكل حبوب صغيرة مليئة بالقيح الذي يخرج عادة تاركاً خلفه قشوراً صفراء تكون سبباً للهرش. ويمكن الجلد الذي توجد فيه الحبوب أن يكون محمراً وملتهباً. ما العلاج؟ إن الحصف مرض شديد العدوى، لذلك تجب معالجته بالمضادات الحيوية المناسبة موضعياً ومن طريق الفم. كيف الوقاية؟ الحرص على نظافة الفروة ونظافة الملابس، وعدم ملامسة مناطق الالتهابات، وغسل اليدين جيداً قبل ملامسة مناطق الإصابة وبعدها، وعدم المشاركة في استعمال الأدوات الشخصية. أخيراً، لا بد من إيلاء فروة الرأس العناية المستمرة والمثالية لأنها تساهم الى حدّ بعيد في حمايتها من الأمراض المعدية. والعناية المثالية تتركز في الدرجة الأولى، على مساماتها بحيث تبقى نظيفة خالية من الميكروبات والمفرزات والأتربة التي تعمل على سدها.