عندما يعتدي رجل دين على ولد صغير، كما سجلت أمس عن مطارنة كاثوليك وحاخامات، تصبح فضائح السياسيين أقل أهمية، وإن تبقى مادة مثيرة للقراءة. لن أعود الى الرئيس الإسرائيلي موشي كاتساف (الإيراني الأصل موسى قصّاب) واغتصابه موظفات الرئاسة، أو الى أي رئيس وزراء اسرائيلي سابق أو حالي فكلهم متهم بالفساد، ومعهم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وإنما أكتفي بما توافر في الأسبوعين الأخيرين فقط، ومنه اسرائيلياً اتهام داني دنكر، الرئيس السابق لبنك العمال الإسرائيلي، بسرقة البنك. غير أن اسرائيل دولة لصوص والسرقة الأهم فيها سرقة بيوت الفلسطينيين بعد أرضهم، وأفضّل اليوم أن أركز على الولاياتالمتحدة، خصوصاً مع إصرارها على تعليمنا أصول الديموقراطية بالقوة المسلحة، كما رأينا في العراق الذي يحتل قعر مؤشر الفساد العالمي مع ارهاب يومي. النائب اريك ماسا، وهو ديموقراطي من نيويورك، استقال هذا الشهر زاعماً أنه يعاني من السرطان، في حين انه كان يعتقد بأن الاستقالة ستوقف تحقيقاً للجنة الأخلاق في مجلس النواب في تهم كثيرة عن تحرشه بموظفين صغار في مكتبه ومكاتب النواب الآخرين. ماسا منحرف وكذاب وأحمق، فهو اعترف في مقابلة مع «سي ان ان» بأنه دغدغ موظفاً وتحرش به، إلا أنه عاد بعد ساعات وزعم في مقابلة مع فوكس نيوز انه لم يتحرش بأحد أبداً، وهذا مع العلم انه قال غير مرة انه لم يتحرش وإنما كان حديثه مع الموظفين (يبدو ان الموظفات لا يغرينه) كان «مُملّحاً»، أو ما نصفه نحن بزيادة الفلفل والبهار. وبكلام آخر أنه كان كلاماً فاحشاً. ولجنة الأخلاق في مجلس النواب كانت في مثل حمقه، فبعد ان كانت قررت التحقيق معه، عادت فأوقفت التحقيق أثر استقالته، إلا أن الجمهوريين وجدوا في الفضيحة فرصة سانحة، وفي النهاية صوَّت مجلس النواب بغالبية 402 مقابل واحد على التحقيق مع ماسا بعد استقالته. ولعل أغرب ما في الموضوع أن يتأخر التحقيق حتى اليوم، فمنذ أسابيع وكل من أحاط بالنائب شكا من تحرشه، ومدير مكتبه نفسه بلّغ رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أنه قلق لأن ماسا، وهو في الخمسين، يعاشر الشبان فقط من العاملين في الكونغرس، وقد دعا واحداً منهم الى غداء خاص. بل ان زميلاً لماسا من أيامه في البحرية اتهمه بأنه كان يتحرش بالعسكريين الذين هم دونه رتبة، وأنه خلال اجازة كان في غرفة فندق مع عسكري آخر فبدأ بتدليكه، ثم عرض عليه فعلاً نابياً. ربما كان ماسا نجا بجلده لولا ان الجمهوريين وجدوا فيه فرصة للانتقام، فقد كان الديموقراطيون استغلوا فرصة مماثلة وأصروا على تحقيق عندما تبين ان النائب مارك فولي، وهو جمهوري من فلوريدا، أرسل رسائل «تكست» فاضحة الى عمال من الشباب في الكونغرس، واستقال تحت وطأة الفضيحة. كل ما سبق، وهو لم ينته فصولاً بعد، تزامن مع قرار حاكم نيويورك ديفيد باترسون عدم ترشيح نفسه للمنصب، بعد سنتين له فيه فقط خلفاً للحاكم ايليوت سبيتزر الذي ضبط مع مومسات في فندق. ولم يكن خلَفه أفضل منه فقد اعترف باترسون بتعاطي المخدرات، وبعلاقات جنسية خارج نطاق الزوجية، وتدخلت وحدة حمايته لمنعه من العنف الزوجي. وتزامن ما سبق كله مع اتهام السناتور جون انساين بأنه حاول أن يجد عمل «لوبي» لزوج عشيقته مع شركة طلبت دعم محاولتها الحصول على عقود طاقة حكومية. وقرأت أن العشيقة اسمها سنتيا هامبتون، وقد عملت في الحملة الانتخابية للسناتور انساين، وأن زوجها دوغلاس من كبار موظفي مكتبه. وأيضاً وأيضاً استقال النائب كيفن غارن من رئاسة الجمهوريين في مجلس ولاية يوتا بعد افتضاح انه اجتمع في مغطس حمام ساخن مع «مراهقة» قبل 25 سنة ودفع لها لتسكت عنه. السياسي المنحرف جنسياً أو الفاسد مالياً، أو الدجال المتذبذب المتقلب، لا يفاجئنا، وإنما يفاجئنا ان يكون السياسي شريفاً صادقاً. غير ان رجال الدين «حاجة تانية» لأنهم إذا فسدوا لا يبقى مجال لتأمل الخير من أحد. ولاحظت وأنا أتابع هؤلاء وأولئك ان مقدمي البرامج الساخرة في التلفزيون الأميركي رأيهم مثل رأيي فأكثر طُرفهم كان عن رجال الدين لا السياسيين حيث الفساد لا يعتبر خبراً. ولعلي أنهي الموضوع الثقيل ببعض البسمة: - كرادلة أميركا قالوا انهم سيعدّون نظام أخلاق بعد فضائح الجنس الأخيرة. وكنت أعتقد بأنه موجود واسمه الكتاب المقدس (جاي لينو). - قرأت في الصحف اليوم ان هناك نقصاً في الكهنة في نيويورك. هذا خبر طيب. النقص شديد الى درجة أن ولداً في الكنيسة تحرش بنفسه. (ديفيد لترمان). - يقولون ان «قسَم الولاء» ينتهك الفصل بين الكنيسة والدولة. ولكن من يفصل الكهنة عن الأولاد داخل الكنيسة؟ هذا ما يقلقني. (جاي لينو). ثمة مزيد ولكن ما سبق يكفي ويزيد. [email protected]