حقق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما أراده شخصياً من قمة مجموعة العشرين التي استضافتها مدينة أنطاليا، إذ كسر من خلالها عزلة ديبلوماسية يواجهها منذ سنتين تقريباً، حددت زياراته ولقاءاته بالمعنيين بالأزمة السورية فقط. كما استطاع أن يكسر جموداً في علاقته بالرئيس الأميركي باراك أوباما الذي رفض أكثر من مرة سابقاً تحديد موعد للقاء ثنائي، متذرعاً بأن اللقاء سيكون خلال القمة. وبذل أردوغان في سبيل ذلك كثيراً من الجهد، بدءاً من الإسراف في كرم الضيافة، إلى إلغاء صفقة شراء صواريخ صينية الصنع كانت أغضبت واشنطن والحلف الأطلسي، إضافة إلى مساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) في تحديد موقع المدعو «جهادي جون» البريطاني الذي اشتهر بذبح الرهائن لدى تنظيم «داعش» في سورية. وأوردت صحيفة «حرييت» أن تعاوناً استخباراتياً كثيفاً أدى إلى اعتقال مساعد جون في إسطنبول، ثم تحديد مكان جون، من خلال رصد مكان هاتفه الخليوي في سورية. تلى ذلك شنّ طائرات أميركية بلا طيار غارة على مكان وجوده، علماً أنها انطلقت من قاعدة إنجرلك التركية. لكن كل ذلك لم يكن كافياً لإقناع أوباما بخطة أردوغان لإنشاء منطقة آمنة في شمال سورية، بل على العكس خرج المسؤولون الأتراك بخيبة أمل عميقة من قمة مجموعة العشرين، بعدما اعتقدوا بأن الاجتماع ومجزرة باريس سيشكّلان فرصة لإقناع القادة المشاركين بفكرة المنطقة الآمنة، لحلّ أزمة اللاجئين. لكن ما وصلهم من أوباما «وضع نقطة النهاية للفكرة»، كما قال ديبلوماسي تركي. كذلك ظهر أن القمة ولقاء أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين – والذي كان من بين أقصر اللقاءات الثنائية التي أجراها الرئيس التركي مع القادة المشاركين – فجّرا خلافاً بينهما في شأن الموقف من قوات الحماية الكردية في سورية، والتي يعتبرها أردوغان ذراعاً ل»حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، فيما تُصرّ موسكووواشنطن على التعامل معها في إطار ما يُسمى «جيش سورية الديموقراطي». بل أن أوباما نصح أردوغان بمعاودة المفاوضات مع «الكردستاني» وزعيمه المسجون عبدالله أوجلان. ويبدو أن تركيا خرجت خالية الوفاض من اجتماع قمة مجموعة العشرين، إلا أن أردوغان حقّق ظهوراً ديبلوماسياً مهماً بالنسبة إلى إطلاق مشروعه للنظام الرئاسي دولياً، إذ توارى رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو عن الأنظار تماماً خلال القمة، في شكل أثار انتقادات من المعارضة التي ما زالت ترفض خطوات أردوغان لفرض نفسه رئيساً بصلاحيات تنفيذية، ومسؤولاً عن السياسة الخارجية، ولو تعارض ذلك مع الدستور.