تفصل الرئيس الأميركي باراك أوباما أيام معدودة عن إنجازه الأكبر منذ وصوله الى البيت الأبيض وهو تحقيق نظام رعاية صحي أكثر مساواة وشمولاً في الولاياتالمتحدة. وعلى رغم مقاطعة جمهورية شاملة، كان مرجحاً ان يمرر مجلس النواب بغالبية ديموقراطية امس، هذا المشروع الإصلاحي الأكبر منذ خمسينات القرن الماضي، والذي يعزز التغطية الصحية لثلاثين مليون أميركي بكلفة تقارب ال 940 بليون دولار. يأتي ذلك بعد جدال استمر اكثر من سنة اجتاز خلالها المشروع منعطفات محورية بينها خسارة الديموقراطيين الغالبية الساحقة (60 في المئة) في مجلس الشيوخ خلال انتخابات ماساشوستس الفرعية والتي قطعت الطريق على تمريره عبر الوسائل الروتينية وبالتالي فرضت مراجعة اشتراعية اقتضت إعادة النص الى مجلس النواب الذي صوت عليه مجدداً أمس، بصورة توافقية، ما شكل المحطة الأصعب للمشروع. ويتوقع ان يمر المشروع في مجلس الشيوخ بأكثرية عددية (51 في المئة) بدل 60 في المئة، قبل إيصاله الى مكتب أوباما وتحويله قانوناً. ونجحت رئيسة مجلس النواب الأميركي (الديموقراطية) نانسي بيلوسي في ضمان 216 صوتاً لتمرير مشروع القانون في المجلس، برغم معارضة الجمهوريين وبعض الديموقراطيين المتحفظين عن بنود تتعلق بخدمات وقضايا اجتماعية. ويعتبر المشروع وهو الأضخم منذ محاولات في هذا الاتجاه بذلها الرئيسان تيودور روزفلت وهاري ترومان (1945 – 1953)، محطة فاصلة في عهد أوباما والحزب الديموقراطي الحاكم. وسيقرر المشروع، سواء أقر أو فشل، صورة المرحلة المقبلة وشكل رئاسة أوباما ومعها مصير الديموقراطيين في انتخابات التجديد النصفية للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وستعني المصادقة على المشروع، الإنجاز الأكبر للرئيس الأميركي وستعطيه بعض الزخم، فيما سيضعه الفشل في موقع حرج أمام مناصريه ومعارضيه، بعد أقل من سنتين على الولاية الأولى. أما بالنسبة الى الكونغرس، فستهيمن تفاصيل المشروع وكيفية قراءته من الرأي العام على الجدال الانتخابي، وسيكون النجاح في تطبيقه ضماناً لاحتفاظهم بالغالبية فيما سيعني استمرار الاستياء الشعبي منه، خسارة محتملة لمجلس النواب في تشرين الثاني. وحشد الحزب الجمهوري القاعدة اليمينية المتشددة لمعارضة المشروع، وسارت تظاهرات حول مبنى الكابيتول (مقر الكونغرس) حملت شعارات عنصرية بعضها ندد بالأفارقة الأميركيين وأوباما، فيما حاول أحد المتظاهرين إهانة المناضل الحقوقي والنائب جون لويس. ويعوِّل الجمهوريون على ربط القانون بنسبة العجز وكون الضمان الصحي يمثل سدس الموازنة، واتهام أوباما بزيادة التدخل الحكومي في الشؤون الاقتصادية. وستكون نسب البطالة وحال الاقتصاد الأميركي هي المفصل في الشهور المقبلة، اذ سيعطي التعافي الذي تنتظره الإدارة زخماً للديموقراطيين، فيما سيشكل استمرار الركود فرصة للجمهوريين لانتزاع الكونغرس.