تعرفت فتاة كردية على أسرتها بعد 27 عاماً من فقدها في قصف لمدينة حلبجة العراقية بالأسلحة الكيماوية في العام 1988، ابان حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وبحسب موقع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، فإن مريم باروتشيان، التي دخلت العقد الثالث من عمرها الآن، أجليت مع أسرتها من موقع القصف إلى طهران في مروحية، ثم انفصلت بطريقة لا تذكرها عن أمها التي فقدت البصر جراء القصف، وهذا ما عرفته حديثا. وتبنى مريم أسرة إيرانية تقيم في مدينة ساري بالقرب من البحر الأسود، وهي عائلة فقدت ابنتها البالغة من العمر 14 عاماً بسرطان الدم. وتقول فاطمة، التي تبنت مريم، إنه "ذات يوم تلقيت اتصالاً من دار رعاية اجتماعية، علمت من خلاله أن أطفالاً وصلوا إلى البلاد من منطقة الحرب، وطلبوا مني الذهاب لاختيار أحدهم". وأوضحت أنها هي من أطلق اسم "مريم" على الطفلة العراقية لأنه اسم ابنتها المتوفاة. ولم تعرف مريم أنها متبناة إلا في عمر 18 عاما، إذ أبلغها والدها بالتبني واسمه هوشنك، قبل وفاته، أنها من منطقة كردية في العراق لم يسمها، وأنها متبناة. وبعد وفاته، توجهت مريم إلى عدد من المدن الإيرانية بحثاً عن ذويها بين تجمعات الأكراد، لكنها لم تجد من تبحث عنهم. وبعد وقت، عرض طبيب في مدينة السليمانية العراقية اسمه فارهاد برزنجي على مريم القدوم إلى العراق لإجراء تحليل الحمض النووي (دي إن أي)، ومطابقته مع عدد من الأسر بلغ 58، ثم ضيق نطاق الاحتمالات ليصل إلى رقم لا يتجاوز عدد أصابع اليد. وقضت مريم بعض الوقت مع الأسر التي ربما تكون ابنة إحداها، وفقاً لنتيجة التحليل التي أثبتت تقارب العينات بينها وبينهم. وفي آب (أغسطس) الماضي جمع الطبيب برزنجي مريم والأسر المحتمل أن تكون ابنة إحداها ليخبرهم بنتيجة الفحص النهائية، وقال: "الجميع كان ينتظر هذه اللحظة منذ أشهر. مريم، للأسف توفي والدك في الهجوم على حلبجة. لكن لديك أخ وأم، وستلتقين بهما اليوم. اسمك الحقيقي هو هاوناز، وانت ابنة السيدة غيلاس إسكندر". واقتيدت امرأة ترتدي نظارة سوداء في اتجاه مريم. وكررت غيلاس اسم ابنتها هاوناز وهي تحتضنها وسط دموع وصراخ. وكانت غيلاس إسكندر هي آخر من تقدموا لفحوص الحمض النووي في تموز (يوليو) الماضي، وكانت عينتها مطابقة تماما لعينة مريم. وتقول إسكندر: "أشعر كأنني ولدت من جديد برؤية ابنتي، أنا أرى الدنيا الآن بعيون جديدة". وإسكندر ظنت أن ابنتها ماتت في الهجوم، وهي بعد وفاة والد مريم تزوجت بآخر، وتقضي وقتها بين حلبجة وبلدة بافيه الإيرانية، حيث تتلقى العلاج بعد أن فقدت بصرها في الهجوم. وتعرفت مريم على شقيقها الأكبر، الذي أتى من هولندا لمقابلتها، وكذلك أخيها وأختها غير الشقيقين، كما كان لها أخ أصغر فُقد في هجوم العام 1988.