توقعت أوساط سياسية بارزة في بيروت أن تنكفئ الحملة السياسية التي صدرت عن بعض رموز المعارضة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بعد الحملة المضادة دفاعاً عنه من أركان السلطة ورموز الأكثرية، لينصرف الوسط السياسي اللبناني الى الاستحقاقات المقبلة المطروحة على الوسطين السياسي والرسمي في لبنان وأهمها التحضير لدعوة الهيئات الناخبة الى الانتخابات البلدية في 2 نيسان (ابريل) المقبل، وموضوع الموازنة للسنة الجارية التي تأخر طرحها على مجلس الوزراء نتيجة غياب التوافق في شأن تأمين الموارد المالية لمشاريع الإنفاق التي تتضمنها المبالغ المرصودة فيها للوزارات تنفيذاً لخطط وبرامج إنمائية. وقالت أوساط بارزة ل «الحياة» إن الحملة على سليمان والانتقادات التي سيقت ضده نتيجة دعوته هيئة الحوار الوطني الى الاجتماع وطريقة تشكيلها، أدت غرضها لأن الرسالة وصلت إذا كان بعض حلفاء دمشق هدف الى إبلاغ الرئاسة الأولى بمآخذ دمشق عليه. وتواصلت تصريحات الدفاع عن سليمان من رموز الأكثرية، وبعض رموز المعارضة، لا سيما المنتمين منهم الى كتلة رئيس البرلمان نبيه بري إذ قال نائب رئيس حركة «أمل» النائب أيوب حميد: «إننا لا نقبل التعرض لموقع رئاسة الجمهورية ونسعى في إطار فصل السلطات الى تكاملها». وإذ أدت الحملة على سليمان الى نتيجة عكسية، فإن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قال أمس: «هم لا يريدون استقالة رئيس الجمهورية بل الجمهورية والحرية والديموقراطية والتعددية». وأضاف: «ولّى زمن العبودية ونقف صفاً واحداً دفاعاً عن المؤسسات الدستورية ولبنان». وغادر رئيس الحكومة سعد الحريري بيروت الى الرياض في زيارة خاصة أمس بعد مغادرة نظيره الأردني سمير الرفاعي بيروت قبل الظهر، مس إثر محادثات في إطار اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، بينما يغادر رئيس البرلمان نبيه بري غداً الى تركيا تلبية لدعوة رسمية. وينتظر أن يدرس بري بعد عودته من أنقرة، الأربعاء المقبل مع رؤساء اللجان النيابية التي كان أحال إليها مشروع قانون الانتخابات البلدية، أي لجنة الإدارة والعدل، المال والموازنة، والأمن والبلديات للاطلاع منهم على مدى التقدم في مناقشة المشروع، خصوصاً أن العديد من النواب أبدى شكوكاً في الانتهاء من المناقشات خلال الأيام القليلة المقبلة، بحيث يمكن إحالة المشروع مع الإصلاحات التي أدخلت عليه في الحكومة الى الهيئة العامة للبرلمان ضمن فترة قريبة، خصوصاً أن أمام وزارة الداخلية استحقاقاً قانونياً يقضي بدعوتها الهيئات الناخبة في 2 نيسان المقبل، أي قبل شهرين من موعد الانتخابات في 2 أيار (مايو). وعلمت «الحياة» أنه في ضوء تقويم رؤساء اللجان النيابية لما تم إنجازه من مناقشات، خصوصاً أن هناك اقتراحات مختلفة حول اعتماد النسبية في كل البلديات في لبنان كما جاء في المشروع، أو في المدن الكبرى فقط، سيقرر بري إذا كان يدعو الى اجتماع مشترك للجان النيابية لتسريع البحث، أم سيدعو الى اجتماع مشترك لهيئة مكتب البرلمان ورؤساء اللجان للبحث في إبلاغ الحكومة بأن اللجان النيابية لن تنتهي من إنجاز القانوني قبل حلول المهلة القانونية لدعوة الهيئات الناخبة، ما يعني أن إقراره سيكون مؤجلاً في شكل يطرح معه إجراء الانتخابات في موعدها على أساس القانون القديم، وهو ما يعارضه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، الذي يصر على إدخال الإصلاحات عليه مع ما يعنيه ذلك من تأجيل للانتخابات وصدور قانون عن البرلمان بتمديد ولاية المجالس البلدية الحالية بضعة أشهر. إلا أن الرئيس سليمان يصر على إجراء الانتخابات في موعدها ولو على القانون القديم. وهو موقف أخذ سليمان يصر عليه أكثر بعد الحملة ضده. إلا أن مصادر مطلعة أوضحت أنه إذا كان لا بد من مبادرة لتأجيل الانتخابات ريثما تنجز دراسة الإصلاحات فإنها لن تصدر عن المجلس النيابي وسط اعتقاد بأن الكتل النيابية الرئيسة، لا سيما في المعارضة تفضل التأجيل وهي موجودة في الحكومة في الوقت نفسه وتستطيع اقتراح التأجيل فيها إذا رسخ هذا الاتجاه.