شيخ الأزهر الجديد احمد الطيب ليس غريباً على مؤسسة الأزهر، إذ تخرج من كلية أصول الدين فيها، وكان مفتياً لمصر عامي 2002 و2003، وتولى رئاسة جامعة الأزهر. لكن الطيب خلع رداء الأزهر التقليدي فور توليه رئاسة الجامعة، وعمل لاستثمار صلاته الدولية التي كوّنها خلال تحضيره لدرجة الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية، فسعى الى تدعيم المكانة العالمية للجامع الأزهر، من خلال تسهيل بعثات خريجيه الى عدد من الجامعات العالمية، وأوجد الرابطة العلمية لخريجي الأزهر، وفتح آفاقاً مهمة للحوار مع الغرب، إضافة الى انه درس الفلسفة ويجيد اللغتين الفرنسية والإنكليزية، وترجم عدداً من الكتب الى العربية. شيخ الأزهر الجديد لا يختلف عن سلفه في الجرأة وشجاعة التعبير عن رأيه، وله عدد من الفتاوى التي أثارت جدلاً داخل الأزهر وخارجه، مثل فتاواه في النقاب، وإمامة المرأة في الصلاة، وإباحة بيع المسلم للخمور في غير بلاد المسلمين، وغيرها. لكن الاختلاف بين الاثنين هو ان الطيب اقرب الى رجل السياسة منه الى رجل الدين التقليدي، وهو ضد زج الدين في السياسة، وله رأي مخالف لتوجهات جماعة «الإخوان المسلمين»، ودان بحزم عرض «ميليشيات جامعة الأزهر» للفنون القتالية التي قام بها طلاب «الإخوان»، رافضاًَ تحويل الأزهر ساحة ل «الإخوان»، أو جامعة لحسن البنا، فأغضب تيار «الإخوان المسلمين» ومناصريهم. وشيخ الأزهر الجديد يعتبر أحد أبرز المتصوفة من علماء الأزهر، وهي المرة الأولى التي يصل فيها الى هذا المنصب، شيخ محسوب على المذهب الصوفي، فضلاً عن أن الطيب عضو في لجنة السياسات في الحزب الوطني التي تضم عشرة أشخاص ويرأسها الرئيس حسني مبارك. لا شك في أن تعيين احمد الطيب يعتبر نقلة في مواصفات الرجل الذي يشغل هذا المنصب، وهو تعبير عن رغبة مصرية واضحة في معاودة النهج الذي حاولت الثورة المصرية رسمه لهذه المؤسسة الإسلامية العريقة، ونقلها من مجرد جامع لتعليم أصول الدين والمذاهب، الى مؤسسة حضارية تلعب دوراً في التعليم بمعناه الواسع، والحوار مع الآخرين. كما ان اختيار رجل يجيد قوانين اللعبة السياسية، وينتمي الى المذهب الصوفي، الذي يعتبر أحد المذاهب الإسلامية المحايدة في الصراع مع الغرب، وغير تواقٍ الى السياسة، ولم ينخرط اتباعه في الصراعات السياسية المحلية والدولية، يعبر عن توجه مصري الى استثمار دور الأزهر ومكانته في مواجهة حركات التشدد داخل المجتمع المصري وخارجه.