ما يجب الحذر منه أيضاً هو طريقتنا في ما يمكن تسميته التربية المرورية، كل سائق جديد يدخل الشارع هو نتاج تدريب والده، أصدقائه، أو السائق الخاص بالعائلة، ويجب أن نعترف أننا استبدلنا فروسية الخيل والبيداء، بعنتريات الشارع! يعتقد الكثيرون أن تعويد ابنه على الجسارة والإقدام أثناء القيادة جزء من تربيته كرجل شجاع، وهو شيء يشبه إحساساً بالنقص على أمجاد غابرة، ويقارب ثقافة سائدة أن تجعل ابنك ذئباً وإلا فإن الذئاب ستأكله، وهو أيضاً جزء من منظومة تربوية يحاول الآباء فيها فاشلين استعادة أمجاد غابرة لهم أو لآبائهم من قبلهم كانوا فيها أشجع وأخشن من الأجيال الحالية التي يرونها مرتخية. في السياق ذاته، لا يقدم الأب أثناء القيادة أي أنموذج أو قدوة تحتذى، فهو يرتكب كل المخالفات التي تختصر عليه الوقت، أو تلك التي تجعله مميزاً عن الآخرين على حد اعتقاده، فيقدم دون أن يعي أحياناً النموذج الذي يرسخ في ذهن المراهق أو الطفل الذي نعرف انه يعيش على فكرة أن والده هو «أقوى واحد في الدنيا». وما ينسحب على الأبناء، يمكن اعتباره أيضاً منسحباً على المقيمين الجدد، إذ بعد فترة من الزمن تجدهم يحتذون ما يرونه في الشارع بدءاً من ارتكاب المخالفات، والمشاركة في المعارك المرورية الفوضوية، وانتهاء بطريقة التعامل غير الحضارية مع رجال المرور، الذي يجب أن نعترف أن بعضهم لا يحترم النظام، ولا يتعامل مع الناس بمساواة تامة، أو بالطريقة اللائقة مهنياً واجتماعياً.إذن فالحذر من أخطاء الآخرين، ليس فقط في الشارع، بل يجب أن يكون في الذهنية الجمعية التي يجب أن نتعاون لأن نقنعها أن سلوكنا في الشارع جزء من تحضرنا، جزء أهم من لبسنا احدث الموضات، واقتناءنا أفضل الأجهزة، وامتلاكنا السيارات الفاخرة. إن احترام الأب لنظام المرور، سينسحب على احترامه لأنظمة وقوانين أخرى، وإذا نجح في تمرير «حتة» الالتزام لابنه ومكفوله، سيلقي ذلك بظلاله على أنظمة وأنماط سلوك ومعيشة أخرى. لا نريده أن يكون شعاراً في مناسبة روتينية تحولت من المحلية إلى الخليجية، بل نحتاجه ديدناً يصر رجل النظام الممثل في رجل المرور، ورجل الشارع الممثل في قائد المركبة على تطبيقه والمنافحة دونه، فما نخسره بشرياً مروع، وما نفقده مالياً كثير، وما نحرم الوطن منه في أجيال ستأتي «يعور القلب». إذا اقتنعت أن فكرتك جميلة، وأنها ستقودك وعائلتك إلى مزيد من التحضر، فلا تخش أفكار الآخرين عنك، ولا تظن انك ستكون وحيداً شاذاً، فقط اقنع نفسك انك عضو المجموعة الأفضل، وكما تحاذر من أخطاء الآخرين مرورياً، حاذر من أفكار الآخرين الصدئة اجتماعياً. [email protected]