أكدت مصادر ديبلوماسية أن الجولة التي بدأها الموفد الدولي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس من المغرب أمس بلقاء العاهل المغربي الملك محمد السادس في تطوان، «ذات أهمية بالغة»، خصوصاً أنها تأتي عقب رعايته جولتين غير رسميتين من المفاوضات بين الأطراف المعنية في فيينا وضواحي نيويورك، كما أنها تسبق إعداده تقريراً نهائياً سيعرضه على مجلس الأمن في نهاية نيسان (أبريل) المقبل مع انتهاء نهاية ولاية بعثة الأممالمتحدة في الصحراء «المينورسو». وقالت المصادر إن مدة الزيارة التي تزيد على أسبوع كامل تبرز أهمية الرهان الذي يعلقه روس على اجتماعاته مع قادة دول المنطقة في المغرب وموريتانيا والجزائر، ثم قيادة جبهة «بوليساريو» في مخيمات تيندوف، خصوصاً ان المفاوضات غير الرسمية في ارمونك (إحدى ضواحي نيويورك) حققت اختراقاً، وإن كان محدوداً، لناحية درس الاقتراحات المتباينة التي يعرضها كل طرف، المغرب في صيغة الحكم الذاتي الذي تريده مرجعية للمفاوضات، و«بوليساريو» التي تمسكت بخيار تقرير المصير عبر استفتاء يشمل الحكم الذاتي أو استقلال الإقليم أو دمجه نهائياً مع المملكة المغربية برعاية دولية، ما يعني وقف المصادر ذاتها أنه بحث في الفرص الممكنة لاستئناف المفاوضات، وفق مرجعية وفاقية. وشددت المصادر على أن تعاطي روس مع القضية «سيكون مختلفاً» هذه المرة، في ضوء ملامسته نقاط الخلاف في المواقف، كما قللت من تأثير الاتهامات المتبادلة بانتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة أن مسؤوليات «المينورسو» محددة بقرارات صادرة عن مجلس الأمن، وأن مجرد التفكير في إمكان توسيع صلاحياتها ليشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان يفرض صدور قرارات جديدة، عدا أن هذه المهمات «لا يمكن أن تستثني الأوضاع في مخيمات تيندوف». ويطالب المغرب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن تقوم بإحصاء شامل للاجئين، فيما زالت «بوليساريو» والجزائر التي تؤوي المخيمات على أراضيها تمانع في ذلك. غير أن روس سيركز على تأمين ظروف مشجعة لاستئناف المفاوضات، «بهدف الدخول إلى جوهر الإشكالات». وهو يأمل في استجابة الأطراف المعنية كافة لرغبته في تفعيل خيار المفاوضات الذي «لا بديل منه»، وإن كانت الخلافات المتزايدة بين الجزائر والمغرب تقلل من إمكان تعبيد الطريق السالكة أمام هذا الاختراق. وتزامنت زيارة روس للمنطقة مع توجيه أعضاء بارزين من الحزبين الديموقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عبروا فيها عن دعمهم خطة المغرب منح أقاليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً. وجاء في الرسالة التي وقعها 54 عضواً أن من أولويات الولاياتالمتحدة «دعم حل نزاع الصحراء على أساس الاقتراح المغربي». وأعربوا عن «قلقهم إزاء الزيادة المضطردة لعدم الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا» نتيجة «تنامي الأعمال الإرهابية». وأضافت الرسالة أن «الرهانات بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة وحلفائها في شمال أفريقيا واضحة»، وتكمن في «التشجيع على مزيد من التنسيق بغية التخفيف والقضاء على التهديد الإرهابي وتشجيع دمج المنطقة الواعدة بالنمو الاقتصادي والرفاهية». وذكرت بمضمون تقرير رعته شخصيات أميركية في مقدمها وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت والقائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي الجنرال ويسلي كلارك، يدعو واشنطن إلى «العمل بجد مع شركائها لحل نزاع الصحراء». وأكد الموقعون على الرسالة اتفاقهم مع كلينتون على أن الاقتراح الذي عرضه المغرب العام 2007 لمنح حكم ذاتي موسع في الصحراء «جاد وذو صدقية». وأعربوا عن تأييدهم «جهود الأممالمتحدة لجمع كل الأطراف من أجل حل هذه القضية بطريقة سلمية حول طاولة المفاوضات»، كون الحل «سيزيل آخر عقبة تحول دون تحقيق الاستقرار في المنطقة». وسبق ل 229 عضواً في مجلس النواب الأميركي من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، أن وجهوا في نيسان (أبريل) الماضي رسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، أعربوا فيها عن «انشغال إزاء تصاعد تهديدات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيمات إرهابية أخرى في شمال أفريقيا»، وتمنوا على أوباما «دعماً قوياً لمبادرة المغرب في الحكم الذاتي»، خصوصاً أنها «تفتح الطريق أمام تعاون إقليمي أوسع لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المتنامية».