تفرض معادلات رقمية معقدة تتضمنها معادلات احتساب وتجيير الأصوات في الانتخابات العراقية، تضارباً في تقدير نسب الفائزين، في نطاق القائمة المفتوحة جزئياً والدوائر المتعددة المعتمد. ومع اعلان مفوضية الانتخابات حوالى 85 في المئة من النتائج، بدا التضارب واضحاً في تقديرات الأطراف المختلفة لما يمكن أن تؤول اليه مقاعد البرلمان، خصوصاً في مستوى التقارب الذي أظهرته النتائج بين قائمتي رئيسي الوزراء الحالي نوري المالكي والسابق اياد علاوي. ويقوم نظام الانتخابات العراقي على التنافس في 18 دائرة انتخابية، وفقاً لنظام مختلط بين القائمة المغلقة (قوائم) والمفتوحة (استثناء خيار واحد من ضمن القائمة المختارة). ويفترض أن تحدد نتائج الانتخابات المعلنة حتى يوم أمس حوالى 70 في المئة من مقاعد البرلمان، فيما تحدد مصير حوالى 30 في المئة من المقاعد اتجاهات التصويت الخاص وتصويت العراقيين في الخارج بقية نتائج التصويت العام. وكشفت الأرقام التي أعلنتها مفوضية الانتخابات تفوق علاوي على المالكي بحوالى تسعة آلاف صوت في عموم العراق. وحصلت قائمة علاوي على 2,102,981 صوتاً في مقابل 2,093,997 للمالكي، وأقل من 1,6 مليون ل«الائتلاف الوطني العراقي» و1,132 مليون ل«التحالف الكردستاني». وعلى رغم أن ردود فعل «ائتلاف دولة القانون» على نتائج الانتخابات ومطالبته بإعادة فرز الأصوات، بعد اتهامه المفوضية بالانحياز إلى علاوي تزامنت مع اعلان تأخره في التصويت العام، فإنه يعول على الحسابات النهائية لضمان زيادة تراوح بين خمسة وعشرة مقاعد عن «العراقية»، في حين يقول قادة الأخيرة إنهم متأكدون من الفوز في النتائج النهائية وتصدر البرلمان، ولكن بفارق بسيط يراوح بين ثلاثة وخمسة مقاعد. وتستند المعادلة في كل دائرة إلى احتساب قيمة المقعد الانتخابي، وفقاً لنسب الإقبال على التصويت في الدائرة، إذ تبلغ هذه القيمة في كركوك 48 ألف صوت، وتنخفض في ميسان الى 28 ألف صوت. ويشترط النظام الانتخابي بلوغ القائمة المتنافسة «العتبة الانتخابية» في تلك الدائرة لضمان حصولها على حصص ما يسمى «أفضل الفائزين»، وهي في مجملها تدخل معادلة تضاف من خلالها أصوات الخاسرين الى أفضل الفائزين. وعلى رغم حصول المالكي وعلاوي على أصوات في شمال العراق وغربه وجنوبه، إلا أن احدهما سيأخذ حصة الآخر في حال كان أداؤه في دائرة ما ضعيفاً جداً. ويمكن ملاحظة أن نتائج المالكي كانت ضعيفة جداً ولا تتجاوز العتبة الانتخابية في أربع محافظات على الأقل، من بين 15 محافظة (ما عدا اقليم كردستان)، وكان ثانياً في ثلاث محافظات ونافسه «الائتلاف الوطني العراقي» بقوة على أربع محافظات أخرى، فيما كانت نتائج قائمة علاوي ضعيفة في محافظتين ومتجاوزة للعتبة الانتخابية في حوالى ست محافظات أخرى ومتصدرة بفارق كبير في أربع محافظات ومتعادلة تقريباً في كركوك. وتسمح هذه الحسبة لعلاوي بجمع أصوات الكتل الخاسرة في خمس دوائر انتخابية، فيما تتيح للمالكي جمع الأصوات الخاسرة في سبع دوائر. وإضافة إلى معادلة الخاسرين والفائزين، فإن علاوي والمالكي سينتظران فرز حوالى مليون صوت إضافي للشرطة والجيش والمعتقلين والعراقيين وأصوات المهاجرين لتوزيع تلك الأصوات على الدوائر الانتخابية، ما يؤدي الى رفع قيمة المقعد الانتخابي وتغيير النتائج. ويتوقع مراقبون أن تكون خريطة التصويت الخاص متشابهة مع التوزيع الحالي للأصوات في التصويت العام، ما يعني تقاسم كتل مختلفة نتائج التصويت يتقدمها المالكي وعلاوي. في المقابل، يتوقع مراقبون أيضاً أن تكون نسبة كبيرة من نتائج تصويت عراقيي الخارج لمصلحة علاوي، فيما تحل قوائم «الائتلاف الوطني العراقي» و«التحالف الكردستاني» و«دولة القانون» بعدها بفارق كبير. وكانت نتائج التصويت في سورية والأردن حيث النسب الأكبر من العراقيين المقيمين في الخارج كشفت تقدماً ساحقاً لقائمة علاوي يصل الى حوالى 80 في المئة من نتائج التصويت. ولا تلبي تلك الحسابات طموح «دولة القانون» بالتقدم بفارق خمسة مقاعد على «العراقية» في خريطة المقاعد البرلمانية، لكنها من جهة أخرى قد تمنح الأخيرة فرصاً أفضل في الاستمرار بتصدر نتائج الانتخابات.