فوجئ بعض سكان المخيمات الفلسطينية وعدد من الجمعيات والمنظمات العاملة فيها بشبان وشابات يوزعون على أفراد ومؤسسات أعداداً من مجلة جديدة تحمل اسم «قلم رصاص»، وهي مجلة تصدر بجهود مجموعة شباب فلسطينيين تتكون في عددها الأول من 26 صفحة ملونة من القياس المعتاد، ويقول غلافها الداخلي الأول أن مطلقيها سيسعون إلى «تعزيز الهوية الفلسطينية، كما تشجيع الشباب على الكتابة والمشاركة»، وذلك بهدف الإضاءة على مشاكل الشباب والتعبير عن آرائهم وطرح القضايا والحلول من زاوية موضوعية مهنية، ونبذ التطرف على أنواعه. ويقول أحد أعضاء مكتب التحرير في «قلم رصاص» أنها تجربة جديدة في المخيمات الفلسطينية، تجربة تشجع الشباب على الكتابة وإبراز مواهبهم الشخصية كالتأليف والرسم والتصميم، وهم يقدمون جهودهم على نحو تطوعي، فالتمويل الذي تقدمه منظمة تهتم بتمكين المجتمعات المحلية يغطي تكاليف الطباعة فقط. ويجري العمل على المجلة من كتابة وتحرير «أونلاين»، بينما يجتمع فريق العمل عندما تدعو الحاجة. ويتكون هذا الفريق من خريجي الصحافة والإعلام ومن أفراد موهوبين في الكتابة والرسم، كانوا استفادوا من بعض الدورات في مهارات التحرير والكتابة الصحافية التي قدمت لهم من قبل مؤسسة الشهيد ماجد أبو شرار. ويتبنى الشباب العاملون في المجلة مواقف سياسية شخصية خاصة بهم، لكن العمل الذي يجمعهم متحرر من التحزب والتحيز السياسي، بينما يتفقون كغالبية الفلسطينيين على حق العودة والوحدة الوطنية ووحدة كامل التراب الفلسطيني. ويؤكد عضو في مكتب التحرير أن الهدف البعيد لهذه المجلة هو دفع الشباب الفلسطيني إلى الانخراط في الشأن العام وإبعاده عن التهميش وزرع الأمل أمام واقع المخيمات السيء، وأيضاً التخفيف من حدة الانقسام السياسي الذي يشهده المجتمع الفلسطيني. يراهن فريق العمل على الصحافة الورقية في زمن الصحافة الالكترونية بهدف تشجيع القراءة في المخيمات وتسهيلها لتكون متوافرة للجميع، في متابعة لمبادرات سابقة شهدتها بعض المخيمات، كالقراءة في المقاهي وتوزيع الكتب، والمجلة التي لها صفحتها على موقع «فايسبوك» وموقعها على شبكة الإنترنت وزعت 4500 نسخة مجانية من عددها الأول على 12 مخيماً فلسطينياً في لبنان. لا ضمان لاستمرارية المجلة طويلاً على الصعيد المالي ، فالمتوافر حالياً هو تمويل طباعة 4 أعداد بواقع عدد واحد كل شهرين، ولذا يعد فريق العمل خطة مستقبلية لتوفير دعم فلسطيني مستقل وتأسيس مؤسسة لا تتكل على الآخرين فتكون منتجة غير معتمدة على الطوارئ والإغاثة. واختير اسم المجلة «قلم رصاص» من بين احتمالات واقتراحات عدة ك «المخيم» و «هنا المخيم» وغيرها، ثم تم التوافق عليه «للتشديد على أهمية الفكر والثقافة، فالكفاح المسلح الذي طبع القضية الفلسطينية لا يعول عليه إن لم يستند على خلفية فكرية وثقافية لأنه قد يكون عشوائياً وعبثياً» وفق ما قال مسؤول في هيئة التحرير. تميز ألوان الكوفية الفلسطينية أجزاء من غلاف المجلة التي تضم مواد متنوعة من الافتتاحية إلى مادة عن المبادرات الشبابية ومقابلة وشهادات من المخيمات ومواد صحفية أخرى ذات طابع تاريخي كما أن هناك مساحة للرأي وبورتريه لإحدى الشابات الفلسطينيات المميزات، فالمجلة تحاول توفير أنواع متعددة من الكتابة الصحافية للقارئ مع بذل جهد فعلي للتقليل من الأخطاء اللغوية والطباعية. مادة لافتة من إعداد مكتب التحرير حملت عنوان «حتى ما نحكي بدون ما نعرف» كان موضوعها لهذا العدد وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-الأونروا، موضحة دورها وواجباتها ومسؤولياتها ووضعها وهيكليتها، ليتمكن القارئ من معرفة حقيقة عمل هذه المنظمة التي تلعب دوراً شبه يومي في حياة اللاجئين. أكثر من مادة من مواد المجلة تحمل توقيع مكتب التحرير، الأمر الذي يؤكد العمل الجماعي الذي يجمع فريق العمل الشبابي، والحرص على تأكيد الجهد المشترك الذي تقوم المجلة عليه، بدل التركيز على اسماء أشخاص بالذات. ردود فعل الشارع الفلسطيني في المخيمات والتجمعات كانت إيجابية ومرحبة بالمجلة الناشئة، ومناسبة ليفكر بعض الشباب بالفرص الجديدة للمشاركة التي تتاح لهم، بخاصة مع تميز هذه التجمعات بمثقفين وشعراء وكتاب عاشوا عصراً ذهبياً قبل عقود وهم يحاولون اليوم نقل نتاجهم وتجربتهم للشباب الذين لم يختبروا ما اختبروه هم في أيام ولت. يبقى سيف التمويل مسلطاً على صفحات المجلة الواعدة مهدداً مستقبلها في الاستمرار بعد ستة أشهر ما لم يتم توفير تمويل جديد أو مصادر بديلة للإستمرار وفتح نافذة أمل في مجتمع المخيمات التي تدفع أحوالها البائسة أعداداً متزايدة من الشباب نحو اليأس وركوب أمواج البحر في رحلة خطيرة إلى أوروبا.