اختتمت الدورة ال19 ل «ملتقى إدارة التكنولوجيا» التي استضافتها القاهرة، وحملت عنوان «دور التكنولوجيا في التنمية الاقتصادية العربية». وشارك فيها 45 دولة، في مقدمتها الولاياتالمتحدة والصين ودول الاتحاد الأوروبي. وهذه هي المرة الثانية التي تستضيف القاهرة فيها أعمال هذا الملتقى الذي انطلق قبل 11 سنة. ورعى الدورة ال19، «جامعة النيل» التي تُعرّف عن نفسها باعتبارها الجامعة البحثية الأولى في الشرق الأوسط. ونظّمت فعاليات هذه الدورة من قِبَل «الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا» (ومقرّها الولاياتالمتحدة)، التي تضم في عضويتها 85 دولة. الثورة الرقمية والتنمية في العالم الثالث يهدف الملتقى إلى التعريف بدور التكنولوجيا في دفع النمو وتطوير المنتجات وزيادة معدلات التنمية الاقتصادية للدول، وذلك عِبْر إلقاء الضوء على بعض التجارب التنموية في آسيا وأوروبا وغيرهما، للاستفادة منها وتطبيقها على بعض الدول العربية. شارك في الملتقى قرابة 400 خبير، مع عدد من رجال الأعمال وقادة المؤسسات والشركات المعنية بإدارة التكنولوجيا وتأثيرها في النمو الاقتصادي. وخلال هذه الدورة، ناقش الحضور 400 ورقة بحث، وجرى عقد قرابة 300 جلسة عمل متخصّصة. وفي الجلسة الافتتاحية، أكّد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري طارق كامل، أن التكنولوجيا أمكن تطويعها والاستفادة منها في خلق عدد كبير من فرص العمل، كما هي الحال في مجال تعهيد خدمات تكنولوجيا المعلومات Out Sourcing ومراكز «الكول سنتر» التي تعد من أكبر الصناعات التكنولوجية الخدمية المنتجة عالمياً. وأشار إلى أن مصر تركزّ على هذه الأنواع من الخدمات سعياً منها للحصول على نصيب عادل من تصدير خدمات التكنولوجيا، وهي سوق من المتوقع أن تصل إلى بليوني دولار في العام 2013. وأشار كامل إلى أن الرئيس حسني مبارك سيفتتح المرحلة الأولى ل «منطقة تكنولوجيا المعادي» في القاهرة خلال نيسان (إبريل) المقبل. والمعلوم ان تلك المنطقة أُنشئت على مساحة 72 فداناً، ويجرى تنفيذها عِبر شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مصر، على غرار ما جرى في مشروع «القرية الذكية». ومن المتوقع استكمال هذا المشروع في العام 2012. ودعا رئيس جامعة «النيل» الدكتور طارق خليل إلى تكوين تحالف عربي في مجال إدارة التكنولوجيا، باعتبارها محركاً رئيساً للتنمية الاقتصادية، مشيراً إلى أن كثيراً من دول العالم دخل في تحالفات مماثلة.ورأى أن المشاركة العربية في الملتقى جيدة. ولم يمنعه ذلك من إبداء بعض الملاحظات، فقال: «أننا في حاجة إلى زيادة التعاون عربياً، للوصول إلى نقاط مشتركة حول قضية دور التكنولوجيا في التنمية الاقتصادية المستدامة... هناك قصور واضح تعاني منه الدول العربية لجهة الاستفادة من التكنولوجيات المتقدّمة». وأشار إلى أن الملتقى استخدم للمرة الأولى تقنية «البث المباشر التفاعلي» («إنترأكتف لايف ستيرمنغ» Interactive Live Streaming) بهدف توسيع قاعدة المشاركة في النقاش، وإتاحة أوسع فرصة ممكنة للحوار بين العلماء والباحثين حول القضايا التي وضعت في مدار البحث. وأعلن خليل أيضاً أن «جامعة «النيل» تعتزم إطلاق أول موقع لجامعة مصرية باللغة العربية تعمل تحت النطاق العربي «دوت مصر» فور انتهاء الإجراءات الفنية اللازمة. والمعلوم ان الهيئة المشرفة على إدارة الحركة الإلكترونية على الإنترنت (اسمها «أيكان» ICANN) أجازت أخيراً، كتابة أسماء النطاق بمجموعة من اللغات المحلية، منها العربية. في سياق متصل، أكّد جيم سبورر مسؤول برامج الجامعات في شركة «أي بي أم» IBM العالمية، ضرورة أن تعمل مصر على زيادة الاستثمار في العنصر البشري فيها، عبر تدريب الخريجين على الخدمات الإلكترونية المتطورة المناسبة لأسواق العمل كافة. وقال سبورر: «من شأن ذلك الاستثمار أن يدعم توجّه وزارة الاتصالات المصرية نحو زيادة صادرات مصر من برمجيات الكومبيوتر، وكذلك تكوين بنية تحتية قوية في مجال إدارة التكنولوجيا». وأوضح سبورر أن هناك تعاوناً مستمراً بين «أي بي أم» والجامعات المصرية، يظهر في عدد من المبادرات التي تبنتها الشركة للمساعدة في رفع كفاءة التعليم في هذه الجامعات. وعلى هامش الملتقى، جرى توقيع اتفاقية أولى من نوعها إقليمياً بين «جامعة النيل» وشركة «جنرال موتورز» العالمية نصّت على حفز التعاون في مجال البحوث بين الطرفين لمدة عامين، على أن يبدأ الأمر بمشروع بحث عن تزويد مكوّنات السيارات بمجموعة من الشبكات الذكية التي تستقبل المعلومات وترسلها بكميات كبيرة وبسرعات عالية. وصرح طارق خليل بأن هذه الاتفاقية هي جزء من استراتيجية جامعة «النيل» للتعاون مع مراكز البحوث العالمية، كما اعتبرها بمثابة اعتراف من «جنرال موتورز» بقدرات جامعة «النيل» وباحثيها. وأشار خليل إلى أن الاتفاق يتضمن زيارات علمية متبادلة بين الطرفين، وتقسيم المنافع بينهما في ما يتعلق بالنتائج التي يجرى التوصل إليها في شكل مشترك. وأشار مدير البحوث في «جنرال موتورز» ناجي بولس إلى أن الاتفاقية تنص على طُرُق تنظيم حقوق الملكية الفكرية للطرفين، والجوانب المالية والقانونية التي تتحكّم بتلك الشراكة. ويذكر أن المشروع البحثي الأول بين الطرفين ستكون له استخدامات كثيرة في مجالات الاتصالات اللاسلكية ونظم أمان السيارات والركاب ونظم المواصلات الذكية وغيرها. سباق عالمي للنانو تكنولوجي وفي سياق متصل، أعلن خليل إطلاق أول برنامج لدراسات الماجستير في علم النانو تكنولوجي Nanotechnology في الشرق الأوسط وأفريقيا، مشيراً إلى ان تطبيقه سيبدأ اعتباراً من بداية الأسبوع الثاني من نيسان (إبريل) المقبل. وقال: «ان «جامعة النيل» ستتبنى الأسس التي يُدرّس بها علم نانوتكنولوجي في جامعات أوروبا والولاياتالمتحدة، مشيراً إلى تجهيز برنامج مختلف يستجيب الظروف المصرية ويلبي أولوياتها. وأشار إلى أن نيل درجة الماجستير في هذا العِلم يستند إلى ركيزتين. تتمثّل الأولى في تدريس مواد أساسية تصاحب علم تكنولوجيا النانو في فروع الكيمياء والفيزياء والرياضيات لكل الدارسين بصرف النظر عن تخصّصاتهم. وتتجسّد الثانية في إيلاء عناية للتطبيقات في مجالات صناعية بعينها، مثل الطاقة والزراعة ومواد البناء والأسمدة وغيرها. وأضاف أن خريج الماجستير في علم نانوتكنولوجيا من «جامعة النيل» سيكون ملزماً تقديم أطروحة تستطيع أن تقدم حلاً لمشكلة معيّنة، أو تفتح الباب لاستخدامات جديدة في الصناعة المصرية. في السياق عينه، أكّد محمد عبد المطلب رئيس برنامج النانوتكنولوجيا ومؤسسه في جامعة «النيل»، أن الجامعة تستهدف اجتذاب 50 طالباً كحدّ أقصى للبرنامج، ثم تفاضل بين المتقدمين بعناية. وكذلك تفتح الباب في هذا المجال للأخوة العرب، بل وللطلبة من جامعات أوروبا وأميركا. وأشار عبد المطلب إلى أن حجم السوق العالمية في مجال النانوتكنولوجيا سجل 148 بليون دولار في 2007، وأنه يتزايد بقوة، ويعني ذلك أن مصر لو اقتنصت واحداً في المئة من هذه السوق، فسيتيح لها موارد اكبر بكثير من دخل السياحة. وأضاف: «أن علوم النانو تشتغل على التغيرات الكيماوية والفيزيائية في خصائص المواد، إذ تدرسها على أحجام بالغة الصغر. وينطبق ذلك على التطبيقات المستندة الى ذلك العلم في المجالات كافة. وتعني كلمة «نانو» القزم بالإغريقية، وهو مقياس يبلغ واحداً إلى بليون من المتر». وأشار عبد المطلب إن «آي بي ام» التى تنتج 49 ألف براءة اختراع سنوياً، اعترفت بأنها لا تستطيع الاستمرار وحدها في سباق الزمن المقبل، ولا بد أن تبني شراكات مع جهات بحثية من مواقع وخلفيات مغايرة، وأن تتفاعل مع أجيال متعددة وجنسيات متنوعة، بل مع خليط أكثر ذكاء من رجال ونساء، كي تتمكن من مسايرة التطوّر السريع في التكنولوجيا الذي تقوده ثورة المعلومات. وأعلن رئيس جامعة «النيل» أن «المؤسسة الدولية لإدارة التكنولوجيا» قرّرت عقد مؤتمرها المقبل، في تايوان 2012. وفي ختام الدورة، أكدت توصيات الملتقى على إمكان ادارة التكنولوجيا وتطويعها فى التنمية الاقتصادية فى مصر والدول العربية، عِبر محاكاة تجارب الدول الأخرى واستقطاب القطاع الخاص. وطالبت التوصيات بزيادة الاستثمار فى العنصر البشري من خلال تدريب الخريجين على الخدمات الإلكترونية المتطورة المناسبة للأسواق كافة. وكذلك اكدت ضرورة تداخل العلوم والتكنولوجيات المختلفة لفتح المجال فى قطاعات عدة، كي يستفاد في خلق عدد كبير من فرص العمل. وشددت التوصيات على ضرورة العمل على تقليل نسبة الفاقد في نُظُم الطاقة والمياه، بعدما تأكد أن قيمة هذا الفاقد تبلغ سنوياً على مستوى العالم أربعة تريليونات دولار.