لبنان يحبط تهريب (17.45) كجم "كوكايين" و(11.200) كجم "إكستاسي"    وزير الرياضة يوقع مذكرة تفاهم مع السيد أنطونيو تاياني للتعاون في المجالات الرياضية بين المملكة وإيطاليا    غدًا.. جدة تستضيف الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات «رالي السعودية 2025» للمرة الأولى في تاريخ المملكة    انطلاق معسكر أخضر الفتيات تحت 15 عاماً استعداداً لأول مشاركة رسمية    دعم مشروع القائد ورؤيته التي تعمل على استقرار العالم    جنابري جاهز للمشاركة مع بايرن ميونخ أمام أرسنال    السفير المالكي يقدم أوراق اعتماده لرئيسة جمهورية الهند    أخضر المناورة وصيف القارة    الهيئة السعودية للمياه، تفعل اليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية بمشاركة أمانة الشرقية    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    رسائل غير مرسلة    أمير جازان يبحث تعزيز الخدمات والتنمية الأمنية ويستقبل قيادات صندوق الشهداء والشرطة    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    هل تعزز رهانات خفض الفائدة فرص اختراق مستوى 4,150 دولارًا..؟    الحقيقة أول الضحايا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيطالي العلاقات الثنائية    الأمير خالد بن سلمان يبحث التعاون الدفاعي الخليجي في الكويت    التجارة تُشهِّر بمواطن ومقيم ارتكبا جريمة التستر في المقاولات    الشؤون الإسلامية في جازان تُشارك في اليوم العالمي للطفل    البيت الأبيض: ترامب لا يزال متفائلا بشأن خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا    وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 22 لمجلس الدفاع الخليجي المشترك    اتفاقية صحية لرفع جاهزية بنوك الدم وتوسيع نطاق حملات التبرع    مركز الملك سلمان للإغاثة يُنظِّم معرضًا لإبراز الجهود الإنسانية للمملكة في اليوم العالمي للتوائم الملتصقة بنيويورك    تكريم متطوعي "الأحساء تستاهل" للتراث العالمي    نمو الصادرات السعودية غير البترولية بنسبة 21.7%    الجوازات تصدر 25,646 قرارا إداريا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    ريمار تختتم مشاركتها في سيتي سكيب العالمي 2025 بإطلاق هويتها الجديدة وتوقيع شراكات دولية    روسيا تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي    رئيس وزراء تايوان: "العودة" للصين ليست خيارا للشعب التايواني    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    كراسنودار الروسية تتعرض لهجوم "ضخم"    الإرهابي والعلاقات السعودية الأمريكية    الأطفال يتابعون الصقور عن قرب    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    الجوف.. مواقع تاريخية تجذب الزوار    الخريف في فعاليات يوم الاستثمار والشراكات ل "اليونيدو" يؤكد ريادة المملكة الصناعية عالميًا    117 دقيقة لأداء العمرة    ليلة السقوط الآسيوي للاتحاد والأهلي    زراعة أصغر منظم قلب لمولودة تزن 2 كجم    من السويد إلى قطاع غزة.. وثائق جديدة تكشف مسارات تبرعات «الإخوان» المشبوهة    إقالات داخل الجيش الإسرائيلي.. الاحتلال يجدد القصف على خان يونس    بعد مقتل الطباطبائي وأربعة من مرافقيه.. استنفار بإسرائيل واحتمالات مفتوحة لرد حزب الله    230 شركة في المنتدى السعودي الفرنسي    عمار يا دمشق من غير إيكوشار    ضجيج اللحظة    أحمد السقا يستعد ل «خلي بالك من نفسك»    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    تقويم التعليم تطلق الرخصة المهنية للمدربين    "الشؤون الإسلامية" تسلم 25 ألف مصحف للمالديف    تطبيق الGPS.. ماله وما عليه    مجلس الشؤون الاقتصادية استعرض تقارير التنمية.. نمو قوي بمختلف القطاعات وترسيخ مكانة المملكة    الميكروبات المقاومة للعلاجات (1)    قطع غيار    تعزيز قدرات الاكتشاف المبكر للأعراض..«الغذاء»: ربط قاعدة التيقظ الدوائي بمنصة الصحة العالمية    أمير منطقة جازان يتفقد سير العمل في وكالة الشؤون الأمنية بالإمارة    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    الناهشون في جسد النجاح!!    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطفال الفلسطينيون: 67 سنة من العنف
نشر في الحياة يوم 05 - 11 - 2015

تعود أول حادثة موثقة قام فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل أطفال فلسطينيين إلى تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1950، حين أطلق النار على ثلاثة أطفال من قرية يالو، تبلغ أعمارهم 8 و10 و12 سنة، ووقعت الحادثة بالقرب من دير أيوب في منطقة اللطرون. ومنذ ذلك التاريخ، وصور قتل الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم وتعذيبهم تتوالى، دون أن تردع جيش الاحتلال أو المستوطنين أي قوانين أو اتفاقات دولية أو أعراف إنسانية.
يشكّل الأطفال مشهداً فارقاً في الإعدامات الميدانية التي يمارسها الإسرائيليون في الأراضي الفلسطينية، منذ انطلاق الهبّة الشعبية الأخيرة، مطلع الشهر الماضي، والتي تجاوز عدد الشهداء خلالها 61 فلسطينياً، معظمهم من الأطفال، إضافة إلى أكثر من 2120 جريحاً، معظمهم أيضاً من الأطفال.
مشهد الطفل أحمد مناصرة (12 سنة)، الذي تعرّض للدهس المتعمّد من قبل مستوطن صهيوني، في مدينة القدس، ثم انهال عليه مستوطنون آخرون وجنود الاحتلال، بالضرب بالعصي والأرجل، وتركه ينزف دماً، مع تلقيه شتائم في منتهى البذاءة، وتركه فريسة للموت، الذي نجا منه بأعجوبة، وقبله مشهد إحراق الطفل محمد أبو خضير، ومشهد إحراق عائلة الدوابشة، بمن فيهم الأطفال والرُضّع، هي غيض من فيض مشاهد دموية وعنفيّة كثيرة يراها أطفال فلسطين، أو يكونون ضحيتها، في شكل شبه يومي، منذ أكثر من 67 عاماً، ما يعني أن أجيالاً بأكملها نشأت على صور ومشاهد من الدم والقتل والعنف لم تتوقف.
في تعريف الإساءة إلى الأطفال، يضيف باحثون وعلماء كثر إلى التعريف مشاهدة الأطفال العنف أو إجبارهم على مشاهد مواد غير لائقة، وغير مناسبة لأعمارهم، باعتبارها شكلاً خطيراً من أشكال الإساءة للأطفال، لا تقل في أحيان كثيرة عن خطورة تعرّضهم للعنف، بل إن دراسات أجريت على الأطفال الفلسطينيين توصّلت إلى أن تأثير مشاهدة العنف كان أشدّ على الأطفال من تعرّضهم له.
فوفقاً للمركز الفلسطيني للإرشاد، تشير دراسة أجريت عام 1992 حول العنف والأطفال الفلسطينيين في غزة، إلى أن مشاهدة العنف أشدّ تأثيراً على حياة الطفل النفسية من التعرّض الشخصي للعنف. فقد تبين أن 55 في المئة من الأطفال الفلسطينيين شاهدوا العنف لأحد أفراد أسرهم. وبدراسة الفروق في التأثيرات النفسية الناتجة عن التعرّض الشخصي للعنف، تبيّن أن مستوى القلق لدى الأطفال الذين تعرّضوا شخصياً للعنف أقل مقارنة بالأطفال الذين شاهدوا أحد أفراد أسرهم يتعرّض أمامهم للعنف. وتبيّن كذلك أن تقدير الذات لدى الأطفال الذين تعرّضوا للعنف الشخصي أعلى منه لدى الأطفال الذين شاهدوا أحد أفراد الأسرة يتعرّض أمامهم للعنف.
ويمكن تفسير هذه النتائج كما هو معروف لدى الباحثين في مجال الصحة النفسية، بأن الإساءة النفسية أو التعرض للعنف يترك آثاراً نفسية واجتماعية أشدّ وأخطر من التعرّض للعنف الجسدي في أحيان كثيرة.
وإذا ما اقترنت مشاهدة الطفل العنفَ بأن يكون الطفل نفسه ضحية له، فهذا يعني ألماً وأثراً نفسياً واجتماعياً وصحياً مضاعفاً، غالباً ما تعجز قدرات الطفل عن إدراكه والتعامل معه، كما تعجز الهيئات والمؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني عن حماية الأطفال منه، أو علاج آثاره.
تشير الدراسات المتعلّقة بمشاهدة الأطفال للاعتداءات والعنف إلى أنهم يعانون من مشكلات عاطفية و/ أو سلوكية خطيرة، بما في ذلك الاكتئاب، وعدم الارتباط الصحي بالوالدين والبالغين، إضافة إلى انخفاض القدرة المعرفية والتحصيل العلمي، وضعف المهارات الاجتماعية.
كما أن الأطفال الذين يتعرّضون لمشاهدة العنف والاعتداءات في سن الطفولة المبكّرة، عادة ما يتسمون بالغضب وعدم التعاون، وتحدّي المعلّمين أو الكبار، وهم غير متعاونين، ويفتقرون إلى الإبداع والمثابرة والحماسة، ويفقدون دافعهم لممارسة الأعمال والأنشطة، ولا يرغبون في إتمامها. ويعتبر الخوف من الموت أو من الوقوع ضحية للاعتداء أو العنف أبرز المشكلات التي يعاني منها الأطفال الذين يشاهدون العنف والاعتداءات، وما ينتج عن ذلك من قلق وخوف واكتئاب يُعتبر أيضاً من أخطر المشكلات النفسية التي يعيشها هؤلاء الأطفال.
وفي ما يتعلّق بالأطفال الفلسطينيين تحديداً، يوثّق مركز الإرشاد الفلسطيني آثار العنف الذي يشاهده أطفال فلسطين ويتعرّضون له يومياً، والذي تعتبر المداهمات الليلية للمنازل إحدى أسوأ أشكاله، وهي من إجراءات العقاب الجماعي التي اتبعتها سلطات الاحتلال، حيث تداهم منازل الفلسطينيين خلال الليل بهدف الإزعاج أو الضرب والعقاب، ويفتّش الجنود مقتنيات البيت ويحطمونها أمام الأطفال، إضافة إلى الأسلوب الذي يُتبع لأداء المداهمة من محاصرة المنزل والقفز عن سور البيت أو القرع الشديد والمرعب على الأبواب والانتشار الكثيف والعنيف في المنزل، وهو ما يقول المركز أن 85 في المئة من منازل الأطفال الفلسطينيين قد تعرّضت له، وأن 40 في المئة من الأطفال تعرّضوا شخصياً للعنف خلال هذه المداهمات.
وكل ذلك يؤدي إلى فقدان الأطفال فرص التطور النفسي والإدراكي والاجتماعي، والاضطرابات النفسية والسلوكية التي ظهرت على الأطفال بسبب ممارسة العنف ضدهم في شكل مباشر وغير مباشر، كالتشتت وعدم التركيز وضعف الذاكرة والنسيان، والحزن والاكتئاب، والحركة الزائدة والعنف تجاه الآخرين. وملازمة الكبار لعدم الشعور بالأمان، والأرق أو النوم الزائد، والاستيقاظ من النوم بسبب مشاهدة الكوابيس. كما تأثرت نوعية الألعاب التي يزاولها الأطفال وأصبحت تسيطر عليها صور العنف الإسرائيلي بمختلف أشكاله.
وتتأثر درجة إصابة الطفل بأي من هذه الأعراض بكيفية تعامل البيئة المحيطة به مع الأمر، إلا أنّ الأسرة المكلومة ستكون كلها في حاجة إلى المساندة النفسية، ما يعني أن عدم توافرها وعدم توقف العنف، سيُفرزان استمرار تعرّض الأطفال الفلسطينيين لهذه الاعتداءات، و/ أو مشاهدتها، وأن أجيالاً أخرى من الأطفال الفلسطينيين ستبقى تدور في الحلقة ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.