يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم الأربعاء أولى زياراته للعاصمة البريطانية لندن، حيث يعقد جلسة محادثات مع رئيس الوزراء ديفيد كامرون يتصدرها ملفا الإرهاب والعلاقات الاقتصادية. ويُتوقع أن يخيم على أجواء الزيارة ملف حقوق الإنسان في مصر والعلاقة مع جماعة «الإخوان المسلمين». واعتبرت الرئاسة المصرية أن الزيارة التي تستمر يومين تأتي «في إطار حرص البلدين على مواصلة التنسيق للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة جديدة تقوم على تدعيم الاستقرار والدفع بجهود التنمية». وأوضح الناطق باسمها السفير علاء يوسف أن السيسي سيبحث مع رئيس الوزراء البريطاني الخميس «سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن التشاور حول المستجدات الإقليمية وما تفرزه من تحديات وعلى رأسها تحدي الإرهاب في المنطقة»، وأضاف: «كما يلتقي الرئيس المصري وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون لمناقشة سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني والتنسيق المشترك، لا سيما على صعيد التهديدات الإرهابية». ورأى السفير البريطاني في القاهرة جون كاسن أن لقاء السيسي وكامرون في مقر الحكومة البريطانية في لندن «يدشّن المرحلة الجديدة لشراكتنا من أجل الاستقرار والإصلاح»، مشيراً إلى أن كامرون «سيعبّر عن دعمه الرئيس السيسي في الإصلاحات التي يقوم بها من أجل إنعاش الاقتصاد المصري، إضافة إلى رغبته في رؤية المزيد من التقدم السياسي الذي يعتبر أساسياً في استقرار مصر على المدى الطويل». وأوضح: «سيناقش الجانبان أيضاً تعزيز العلاقات التجارية بين بريطانيا ومصر معتمدين في ذلك على موقع بريطانيا كأكبر مستثمر في مصر، حيث بلغ حجم استثمارات الشركات البريطانية في مصر نحو 25 بليون دولار منذ العام 2010، وعلى الصادرات بين البلدين التي قدرت العام الماضي ببليون جنيه إسترليني»، مشيراً إلى أن بريطانيا «ترحب بانتخاب برلمان جديد كخطوة مهمة في استعادة دور المؤسسات الشرعية في مصر». وأكد كاسن أن «مصر كدولة عربية وإسلامية كبيرة تلعب دوراً بارزاً في محاربة داعش والفكر المتطرف على الصعيد الحكومي والشعبي، حيث قام الأزهر الشريف بدور محوري ومهم في مواجهة وتقويض الخطاب المسموم لتنظيم داعش، عبر سلسلة من النشاطات والبيانات والتقارير التي قام بها الأزهر لكشف حقيقة أن هذا التنظيم إرهابي لا علاقة له بالإسلام وتعاليمه السمحة»، لافتاً إلى الدور السياسي والإستراتيجي الذي تلعبه مصر في المنطقة من أجل دعم الاستقرار فيها ومواجهة الخطر المتنامي للجماعات «الإرهابية» والمساعدة في إرساء الحلول السياسية لأزمات الشرق الأوسط. وقال: «مصر بلد حاسم في منطقة حاسمة وتعيش توقيتاً حاسماً». وأشار الناطق باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف إلى أن السيسي سيلتقي أيضاً على هامش الزيارة التي يختتمها بعد غد (الجمعة)، مجموعة من أعضاء البرلمان البريطاني لتأكيد «أهمية فتح قنوات اتصال مباشر بين مجلسي العموم واللوردات البريطانيين ومجلس النواب المصري عقب تشكليه، لا سيما في ضوء أهمية البعد البرلماني في العلاقات الثنائية من أجل تعزيز التواصل السياسي والشعبي بين البلدين». وأضاف يوسف: «ستشهد الزيارة نشاطاً مكثفاً على الصعيد الاقتصادي، حيث يلتقي السيسي كبريات الشركات البريطانية ومجتمع المال والأعمال، لعرض الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، وبحث فرص تعزيز العلاقات الاقتصادية في مختلف القطاعات لا سيما قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية»، مشيراً إلى أن لقاءات السيسي في لندن «ستتطرق إلى زيادة التبادل التجاري البالغ حالياً حوالى 2.7 بليون دولار وجذب المزيد من الاستثمارات البريطانية». ومن المقرر أن يعقد الرئيس المصري لقاءً مع مجموعة من المفكرين البريطانيين يعرض خلاله الرؤية المصرية لعملية «البناء الديموقراطي» والتحول الاقتصادي في مصر، ومعالجة الأزمات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط. وذكر يوسف أن السيسي سيلتقي أيضاً رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لبحث نشاطات البنك في السوق المصرية، والمتوقع زيادتها خلال الفترة المقبلة. وستشهد الزيارة توقيع مذكرتي تفاهم بين مصر والمملكة المتحدة في مجالَي التعاون الأمني والتعليم العالي. في غضون ذلك (أ ف ب)، اعتبر الرئيس المصري في تصريحات إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن تبني فرع تنظيم «داعش» في مصر إسقاط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء «محض دعاية تهدف إلى الإضرار بسمعة مصر». وجاء كلامه بعد تصريحات لمدير الاستخبارات الوطنية الأميركية اعتبر فيها «من غير المرجح» ان يكون «داعش» ضالعاً في تحطم الطائرة التي سقطت في منطقة شمال سيناء ما ادى الى مقتل 224 شخصاً كانوا على متنها. وأضاف السيسي أن «الموقف في سيناء، والمنطقة التي وقع فيها الحادث على وجه التحديد، تحت سيطرتنا الكلية». وتابع «جميع الأطراف التي تبدي اهتماماً بهذه القضية يمكنها المشاركة في التحقيق». في غضون ذلك (لندن - الحياة) نشرت وسائل إعلام بريطانية تقارير عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر ومزاعم معارضين في شأن انتهاكات تعرضوا لها. وتضمّنت التقارير معلومات عن مساعي محامين مؤيدين لجماعة «الإخوان» لملاحقة مسؤولين مصريين بتهم تتعلق بقمع مؤيدين للجماعة خلال فضّ اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة في أعقاب عزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي عام 2013. وشكا محامون من أن وزارة الخارجية البريطانية تمنح حصانة ديبلوماسية موقتة لحماية مسؤولين أجانب يزورون بريطانيا إزاء خطر صدور مذكرات بتوقيفهم بتهم التورط في انتهاكات لحقوق الإنسان، مشيرين إلى أنها منحت هذه الحصانة لقائد كبير في الجيش المصري زار لندن في أيلول (سبتمبر) وكان ناشطون يخططون للعمل على توقيفه بتهم التورط في فضّ اعتصام رابعة الذي راح ضحيته مئات القتلى.