«أشعر ان النظرة الى من يرتدي الزي الديني جاءت معكوسة بسبب اسقاطات السياسة، فقررت خلعها وارتداء البدلة الغربية». ويبرر السيد حسين الياسري خلعه للعمامة، التي ارتداها لسنوات قبل ان يتخذ قرار الانضمام الى مجموعة من اقرانه الذين سبقوه في اتخاذ القرار. فالاقبال على ارتداء الزي الديني في كربلاء بدأ يتراجع بشكل كبير في العامين الماضيين بعدما كاد ان يتحول الى زي رسمي في المحافظة لكثرة من ارتدوه بعد سقوط نظام صدام حسين. ويقول السيد حسين (31 عاما) ل»الحياة» ان «الاقبال الكبير على ارتداء الزي الديني في بداية سقوط نظام صدام حسين يعود الى التعطش الكبير للشيوخ ورجال الدين والسادة لارتداء الزي الذي منعه النظام ولم يسمح بارتدائه الا للعاملين في خدمة مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس، حيث كان يخضع من يرتديه من غير هؤلاء الى مراقبة شديدة من الاجهزة الامنية آنذاك». ويضيف: «ارتديت الزي لخمس سنوات، ثم قررت ان اخلعه واستبدله بالبدلة الرسمية وربطة العنق، بعدما سمعت الانتقادات التي يوجهها الناس الى من يرتدون العمامة والزي الديني متأثرين بالاخفاقات السياسية التي وقعت بعد دخول الكثيرين منهم الى العمل السياسي». ويؤكد ان ظاهرة خلع العمائم بدأت تتوسع في المدن الدينية في كربلاء والنجف، وهو نوع من التوجه نحو العلمانية في الشارع الديني الذي لم يلمس تغييراً ملحوظاً بعد دخول معممين الى مجلس النواب والحكومة. وعكست نتائج الانتخابات الاخيرة في كربلاء حصول قائمتين طرحتا نفسيهما بعيداً من التمثيل الديني بحصة الاسد من اصوات الناخبين. وكانت مفوضية الانتخابات في العراق اعلنت تقدم قائمة «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في المرتبة الاولى في النتائج الاولية للانتخابات في كربلاء تلتها قائمة «الائتلاف الوطني العراقي» التي تضم مجموعة القوى الدينية تليها مباشرة القائمة «العراقية» ذات التوجه العلماني. معممون آخرون خلعوا زيهم الديني، لانهم ارتدوه تحت ضغط الشارع كما يقولون، ثم عادوا لاستبداله بملابس عصرية بعد ظهور النظرة السلبية ازاء من يرتديه. ويؤكد منتظر عباس (37 عاماً) انه لم يكن يرتدي الزي الديني قبل العام 2004 لكنه ارتداه تماشياً مع موضة الشارع الكربلائي الذي يجل من يرتدي العمامة ويخاطبه بعبارات احترام لا يسمعها باقي الناس مثل مولاي وسيدنا الامر الذي شجعه على التمسك بارتداء الزي لسنوات. ويضيف: «منذ اكثر من عام بدأت النظرة الى من يرتدي الزي الديني تأخذ منحى مختلفاً هو اقرب الى الانتقاد منه الى الإجلال فقررت استبدال ملابسي وترك الملابس الدينية». منتظر يقول ان بعض الكربلائيين اخذوا يطلقون عبارات استهزاء على من يرتدي الزي الديني وبعضهم يصفهم ب «بياعي الكلام» وان هذا الامر دفع الكثيرين ممن ارتدوا الزي بعد سقوط النظام الى استبداله بالبنطال وربطة العنق تماشياً مع الموجة الجديدة التي تنتقد هؤلاء. ويرى آخرون ان الشارع الكربلائي بدأ يتجه نحو العلمانية منذ اكثر من عام وان نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي فاز فيها السيد يوسف الحبوبي وهو رجل مدني بغالبية اصوات اهالي المحافظة، وتراجع التيارات الدينية هو خير دليل على هذا التوجه.