لكل فكرة أو نظرية معارضون لا يعترفون بصحتها، مهما توافرت الأدلة العلمية التي تثبتها. ولا تستثنى من ذلك نظرية كروية الأرض الشهيرة التي احتشدت ضدها جماعة سمت نفسها «جمعية الأرض المسطحة» التي تؤمن بأن الأرض ليست كروية، مفسّرة كل صورة تظهر كوكب الأرض بعكس ذلك على أنها مؤامرة دولية. وتمتلك «جمعية الأرض المسطحة» موقعاً رسمياً على الإنترنت يحتوي على مقالات ومجلات عدة، وتتخذ من بريطانيا مركزاً لها. ويدافع أعضاؤها بقوة عن وجهة نظرهم من خلال المقابلات الصحافية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». ويجيب قسم الأسئلة في الموقع عن أكثر الاستفسارات التي يطرحها الناس على أعضاء الجمعية، مثل: «ما هي الأدلة على سطحية الأرض؟» و«كيف تفسرون تقارير وكالات الفضاء الدولية وصور الأقمار الاصطناعية التي تشير إلى كروية الكوكب؟». ورداً على هذه الأسئلة، يقول أعضاء «جمعية الأرض المسطحة» إن أبسط دليل على عدم كروية الأرض هو اعتماد المرء على ما تمليه عليه حواسه لاستيعاب طبيعة العالم من حوله، موضحين أن «حركة الشمس، إضافة إلى شعورنا بأن الأرض مسطحة عندما نمشي عليها»، كلها أمور تستوعبها حواسنا وتشير إلى أننا لا نعيش في عالم كروي. وترتكز هذه النظرية على نهج «التفكير التجريبي» الذي يعتمد على الاستنتاجات المنطقية المبنية على بيانات تجريبية، من دون الحاجة إلى أن تكون مدعمة علمياً. ويفسر مؤيدو النظرية تقارير وكالات الفضاء الدولية وصور الأقمار الاصطناعية التي تُظهر كوكب الأرض كروياً، بأنها خدع تمارسها «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) و«وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا). وفي ما يتعلق بالأسباب التي تدفع حكومات العالم إلى إخفاء شكل الأرض الحقيقي، تقدم «جمعية الأرض المسطحة» سببين محتملين، أولهما يعود إلى «سباق الفضاء» بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي خلال «الحرب الباردة». أما الثاني فهو أطماع كبار المسؤولين في هذه الوكالات. ويشرح أعضاء الجمعية أن التنافس الشديد بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي في الوصول إلى الفضاء أولاً خلال فترة «الحرب الباردة»، دفع الطرفين إلى تزييف تقارير عن إنجازاتهم في هذا المجال، ليخدع كل منهما الآخر. أما الدافع الثاني، وفق اعتقاد الجماعة، فهو أن العاملين في برامج اكتشاف الفضاء يقدمون بيانات ونتائج مزيفة، حتى يستمروا في اختلاس مبالغ مالية من الدعم المادي الذي يتلقونه من الدولة. ولا تعترف الجمعية بالأدلة الفوتوغرافية لكون تغييرها إلكترونياً أمراً سهلاً، كما تشير إلى أن أجهزة تحديد المواقع الجغرافية العالمية «جي بي أس» يجري التلاعب بها لتظهر تحليق الطائرات في خطوط مستقيمة حول الأرض، في حين أنها في الواقع تحلق حول دوائر فوق قرص الأرض. وتعتمد نظرية الأرض المسطحة على أن الأرض هي قرص تقع الدائرة القطبية الشمالية في وسطه وتحيط به القارة القطبية الجنوبية، لتشكل جداراً جليدياً بارتفاع 150 قدماً، لم يستطع أحد حتى الآن تجاوزه لمعرفة ما يقع خلفه. وتفسر النظرية تعاقب الليل والنهار بدوران الشمس حول الدائرة القطبية الشمالية، أما الجاذبية الأرضية فتحدث نتيجة حركة قرص الأرض بتسارع ثابت ومستمر نحو الأعلى. وفي ما يخص العلاقة بين الأديان ونظرية سطحية الأرض، تقول الجمعية إنها لا تؤكد وجود علاقة رسمية بينهما، لكنها لا تنفيها كذلك، موضحة أن العصور المختلفة شهدت موافقة بعض المؤسسات الدينية على النظرية ودعمهم لها، ما جعل فكرة سطحية الأرض مرتبطة في أذهان الكثيرين بالدين.