حذر موظفو القطاع الحكومي في العراق الحكومة من خفض رواتبهم بحجة الإصلاحات، مؤكدين أن من حق الحكومة تقليل الفوارق بين موظفي الدولة، خصوصاً الدرجات الدنيا، ولكن ليس على حساب جهد مضاعف يبذله مهندس حفر آبار نفطية يقضي أسابيع في الصحراء يتقاضى مرتّب موظف يجلس بغرفة مكيفة قرب مكان إقامته. وكان مجلس الوزراء صوّت الأسبوع الماضي على قانون جديد لرواتب موظفي الدولة ألغى بموجبه كل القوانين والأنظمة والتعليمات السابقة الخاصة برواتب القطاع العام، والتي منحت بموجبها شرائح معينة مخصّصات إضافية وفق طبيعة العمل. وحدّد القانون الجديد الراتب الأعلى بثمانية ملايين دينار مقطوعة من دون مخصّصات، مع تعديل الرواتب الدنيا للموظفين بزيادتها 10 في المئة. وكان مكتب رئيس الوزراء أعلن في بيان، حصلت «الحياة» على نسخة منه، أن «السلّم الجديد يحقق تحسناً بين مستويات الدرجات الدنيا والدرجات العليا ويحدّ من الفروق ويعزز العدالة». وأشار إلى أن «مجلس الوزراء ألغى المخصّصات الممنوحة بموجب قوانين أو أنظمة أو تعليمات أو قرارات خاصة صادرة قبل نفاذ هذا القرار، مع الأخذ بالاعتبار التعديلات التي أجراها المجلس بعد عرضها على رئيس الوزراء لإقرارها». وأكد المهندس النفطي ناهض السعيدي ل «الحياة» أن «قانون وزارة النفط منح بعض الشرائح من حملة الشهادات والمكلفين بمهام تتطلب بذل مجهود مضاعف مثل البقاء لأسابيع في الصحراء تحت أشعة الشمس صيفاً، وفي برد الشتاء لحفر بئر أو مد خطوط نقل البترول، مخصصات إضافية تلائم مجهودهم». وأضاف: «من غير المنصف أن أتقاضى راتباً يساوي راتب مهندس بنفس درجتي يعمل في غرفة مكيفة في إحدى دوائر الدولة القريبة من مكان إقامته». وأكد مهندس الكهرباء حسن بدوي ل «الحياة» أنه «ضمن كادر نصب أبراج نقل الطاقة التي تقطع أراضي العراق من شرقها لغربها، ولا أحد يكافئنا عن عملنا لسنوات فقط لربط محطة تغذية بمدينة عراقية، وكل ما يميزنا هو إضافة مخصّصات خطورة وساعات عمل إضافي، فإذا حرمت منها فلن يكون هناك حافز للبقاء في عملي». وأكد الأستاذ كاظم الزبيدي ل «الحياة» أن في حال إلغاء قانون موظفي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي منحتنا مخصّصات جيدة خلال السنوات الماضية، فسأضطر للإحالة على التقاعد والسفر أو العمل في جامعات أهلية». القلق ذاته يشعر به موظفو قطاعات أخرى، منها كادر مراكز الطب العدلي المعني بتشريح الجثث وكوادر مراكز المختبرات للأمراض الوبائية والأشعة المسببة للأمراض السرطانية، والعاملون في محطات البث الترددي ومعامل صناعة الكيماويات والحراريات. بدوره قال العضو العراقي جبار عبدالخالق إن «القانون الجديد لا يتطلب مصادقة مجلس النواب، إذ إن قانون الخدمية المدنية المطبق حالياً يتضمن فقرة تشير إلى نظام سلّم الرواتب يصدر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وشكلت لجنة خاصة في أمانة المجلس لهذا الغرض، وهو ليس قانوناً بل هو نظام لا يتطلب المصادقة». وأوضح أن «اللجنة المالية ستطلب من الحكومة تفاصيل نظام سلّم الرواتب الجديد للاطلاع عليه ومناقشة مدى ملاءمته الواقع، خصوصاً الاطلاع على تفاصيل نسب خفض الرواتب للدرجات الخاصة من وكلاء الوزراء والمدراء العامين». وقلّل النائب مسعود حيدر من أهمية خفض رواتب بعض الشرائح على الموازنة، وقال إن تأثير قرار خفض رواتب الدرجات الوظيفية العليا في الدولة قليل جداً ولا يتجاوز خمسة بالألف، أي أنه مبلغ لا يذكر». وأضاف: «نحن مع الإصلاحات وخفض الرواتب وتقليص أعداد الحمايات لمسؤولي الدولة، ولكن هذا الإجراء لا يؤثر بأي شكل من الأشكال في حياة المواطن العادي». ولفت إلى أن «هذه إجراءات إدارية ولا تعتبر إصلاحات، فهي لا تقدم شيئاً لحياة المواطن، فالإصلاح الحقيقي يكون في الاقتصاد العراقي بحيث ينعكس إيجاباً على الحياة العامة للموظف وكل فئات الشعب البسيطة». وأشار إلى أن «الوضع الاقتصادي في العراق بحاجة إلى إعادة هيكلة وتفعيل القطاع الخاص وضخ مبالغ كبيرة إلى السوق لتحريك الاقتصاد». يذكر أن رئيس الوزراء حيدر العبادي قرر خفض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والتي تأتي ضمن الإصلاحات التي أصدرها مجلس الوزراء. ويؤمل عرض مسودة قانون الموازنة لعام 2016 للإقرار داخل مجلس الوزراء الأسبوع المقبل تمهيداً لرفعها لمجلس النواب لإقرارها، والتي اعتمدت مبلغ 45 دولاراً لبرميل النفط، وبمبلغ إجمالي يبلغ 98 بليون دولار، 75 في المئة منها للقطاع التشغيلي والمتبقي للاستثمار، مع عجز شبه مؤكد يصل إلى 30 تريليون دينار.