غيّب الموت المفكر المصري البارز فؤاد زكريا أول من أمس عن عمر يناهز الثالثة والثمانين سنة، بعد مسيرة أكاديمية وفكرية، جاوزت نصف قرن، قدم خلالها إلى المكتبة العربية الكثير من الكتب، مؤلفاً ومترجماً، وخاض معارك شرسة مع رموز المنهج السلفي، رافعاً شعار «العلمانية هي الحل»، وكذلك مع رموز الناصرية على رغم انتمائه إلى اليسار. وتميز صاحب كتاب «الإنسان والحضارة» في دراساته وكتاباته الفلسفية بلغة رصينة وقدرة فذة على التحليل والفهم الدقيق للمصطلح الفلسفي. وإضافة إلى الكتب، سواء التي ألفها أو تلك التي ترجمها، نشر فؤاد زكريا في دوريات عدة الكثير من المقالات والدراسات التي تتصل بمشكلات فكرية واجتماعية ونقد فيها السائد في الفكر العربي عموماً والواقع المصري بخاصة. ومن أشهر مقالاته مقال عنوانه «العلمانية هي الحل»، وجاء رداً على شعار «الإسلام هو الحل» الذي يرفعه تيار الإسلام السياسي عموماً. وهو كان يعتقد أن الغزو الثقافي الغربي خرافة لا وجود لها، وبادر أكثر من مرة بإبداء معاداته للمنهج السلفي ساخراً من الاتجاهات الإسلامية المعاصرة الملتزمة بهذا المنهج، ومدعياً أنها بالتزامها به تُركز على التمسك بشكل الإسلام من دون مضمونه، ما دفع البعض إلى اتهامه بالإلحاد. وحصل على جوائز عدة منها جائزة الدولة التقديرية في مصر وجائزة سلطان العويس وجائزة الكويت للتقدم العلمي. عمل زكريا أستاذاً ورئيساً لقسم الفلسفة في جامعة عين شمس حتى 1974 وانتقل في العام نفسه إلى الكويت ليعمل رئيساً لقسم الفلسفة في جامعتها حتى 1991. ترأس تحرير مجلتي «الفكر المعاصر» و «تراث الإنسانية»، وعمل مستشاراً لشؤون الثقافة والعلوم الإنسانية في اللجنة الوطنية لليونسكو في القاهرة، وتولى منصب مستشار التحرير لسلسلة «عالم المعرفة» الكويتية. ومن مؤلفاته: «نيتشة»، «نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان»، «اسبينوزا»، «الإنسان والحضارة»، «التعبير الموسيقي»، «مشكلات الفكر والثقافة»، «دراسة لجمهورية أفلاطون»، «آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة»، «التفكير العلمي»، «خطاب إلى العقل العربي»، «الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصرة»...