شهدت منطقة الحدود الشمالية أمس تنفيذ حكم الجلد في معذبة «الطفلة بلقيس»، والتي تعد حادثتها إحدى أهم قضايا العنف الأسري في السعودية. وكشفت مصادر أمنية مطلعة ل «الحياة» عن تنفيذ الدفعة الأولى من حكم الجلد للسيدة شيماء سعد (عراقية من أصل كردي) إذ حكم عليها القاضي في المحكمة العامة في عرعر الشيخ علي بن محمد العشبان، بالسجن 13 عاماً وجلدها 900 جلدة متفرقة على 18 دفعة، فيما حكم على زوجها (والد الطفلة بلقيس) سامي بن رجا الطافور (بحريني الجنسية) بالسجن عاماً وثمانية أشهر، إضافة إلى إبعاده وزوجته عن البلاد بعد تصفية ما لهما وما عليهما من حقوق. وكانت شيماء سعد اعتدت على الطفلة بلقيس سامي الطافور (كان عمرها 9 أعوام) أكثر من مرة بالضرب، ما استدعى نقلها إلى مستشفى عرعر المركزي في حال إغماء تام. ونشرت «الحياة» قضيتها حين وقوع حادثة الاعتداء (قبل نحو ثلاثة أعوام)، إذ شغلت حادثة التعذيب الرأي العام في منطقة الحدود الشمالية وجميع مناطق المملكة، فيما تفاعل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير سلطان بن عبدالعزيز مع القضية، وأمر بنقل الطفلة إلى مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية في الرياض، مع التوجيه بتقديم كل الإمكانات الطبية والعلمية للطفلة. وذكر مصدر مطلع على تفاصيل القضية ل «الحياة» أن تغيير الحكم على المذنبة شيماء سيكون وارداً في حال وفاة الطفلة بلقيس (لا تزال ترقد في مدينة الأمير سلطان الإنسانية حتى الآن منذ 3 أعوام، فيما طرأ تحسن بسيط على حالها الصحية)، لافتاً إلى أن القضية ستأخذ منحى شرعياً يكون فيه تنفيذ حق القصاص وارداً بشكل كبير. وأشار إلى أن المحكمة حملت وزارة الشؤون الاجتماعية جزءاً كبيراً من المسؤولية، نتيجة إهمالها لخطاب بعثته المحكمة إلى مدير دار الملاحظة الاجتماعية ورئيس لجنة الحماية الاجتماعية في عرعر، يتضمن التوجيه باحتضان الطفلة وحمايتها. كما حكمت على والد الطفلة بلقيس سامي الطافور بالسجن سنة وثمانية أشهر، وذلك للإفراط والتفريط وعدم حماية ابنته: «حُملّ جزء كبير من المسؤولية نتيجة الاعتداءات السابقة والمتراكمة بداية من إهمال الاعتداءات الأولى التي كانت عن طريق شرب الطفلة للماء الساخن واكلها بقايا الطعام والعظام، إضافة لإخراجها إلى الشارع في وقت متأخر من الليل لرمي الزبالة، وانتهاء بحرقها عن طريق إحماء سكين وكيها في مناطق متعددة من الجسم». وأكد المصدر أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لم يرد لها أي خطاب في هذه القضية، ولم تكلف أي شخص بالاتصال أو متابعة القضية، كما نفى ما تردد في تصريحات سابقة لعدد من مسؤولي الجمعية من مخاطبة الجهات الرسمية لاستيضاح الأمر. وفي السياق ذاته، أكد المحامي والمستشار القانوني ريان مفتي ل «الحياة» أن حكم قاضي المحكمة بُني على حياة الطفلة وما حدث لها من ضرب واعتداء وفق التقارير الطبية، لافتاً إلى أن القاضي استند في إصداره للحكم على أن الأحداث الجنائية تُحدد بحسب التقارير ومدة الشفاء وشهادة الشهود. وأشار المحامي إلى إمكان إعادة محاكمة زوجة الأب في حال رفض والدة بلقيس للحكم، «إلا أن محكمة التمييز أيدت الحكم بالأغلبية وبذلك يكون قطعياً»، كما أكد أحقية رفع والدة بلقيس شكوى رسمية لوزير الشؤون الاجتماعية للتحقيق في عدم التدخل لحماية واحتضان طفلتها بلقيس، إضافة إلى أحقية الرفع لديوان المظالم بطلب محاسبة وزارة الشؤون الاجتماعية، لافتاً إلى أنه إذا ثبت إهمال الوزارة فتلزم بدفع الدية كاملة لوالدة بلقيس من مخصصات الوزارة. واعتبر ريان مفتي حُكم القاضي على والد بلقيس وزوجته غير قطعي، «هو حكم يحاكي حال الطفلة حالياً، أما إذا ماتت الطفلة فإن القضية ستأخذ منحى القتل وتحديداً الحرابة، لكون أحداث الجريمة أثارت وهزت الرأي العام، ووسيلتها فيها ترويع للآمنين».