تصدرت الأزمة في العلاقات الإسرائيلية - الأميركية التي نشبت في أعقاب إعلان وزارة الداخلية الإسرائيلية أول من أمس التصديق على خطة لبناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «رمات شلومو» شمال القدسالشرقيةالمحتلة، عناوين واهتمامات وسائل الإعلام العبرية التي أجمعت على أن إعلان الوزارة في أوج زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن لإسرائيل تسبب في حرج للضيف الكبير. وكتبت «يديعوت أحرونوت» في عنوانها الرئيس: «أزمة في الزيارة»، وأبرزت اعتبار الولاياتالمتحدة الإعلان «لعبة من ألاعيب إسرائيل». واكتفت «معاريف» بعنوان من كلمة واحدة: «الإحراج»، فيما أبرزت صحيفة «إسرائيل اليوم» المحسوبة على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تعقيب الأخير بأنه لم تكن نية لدى إسرائيل لإرباك بايدن، لكنها أشارت إلى أن مكتب نتانياهو أكد أن رئيس الحكومة ليس مرتاحاً إلى توقيت الإعلان، مشيراً إلى أن قرار تجميد البناء في المستوطنات لا يشمل القدسالشرقية. وتابعت أن نتانياهو يرى أنه كان ممكناً إرجاء التصديق على مخطط البناء لأسابيع قليلة. ورأت صحيفة «هآرتس» في التنديد الأميركي شديد اللهجة بقرار البناء الذي أصدره بايدن، «خطوة استثنائية». وكتبت أنه «حتى لحظة صدور الإعلان عن البناء الجديد اعتبرت زيارة نائب الرئيس الأميركي نجاحاً مذهلاً»، لكن بعد ساعات، وعندما تأخر بايدن وعقيلته ساعة ونصف الساعة عن حفلة العشاء الذي أقامه نتانياهو وعقيلته على شرفهما «تبدلت ألأمور رأساً على عقب ... وخلال وجبة العشاء أصدر بايدن بيان التنديد بالقرار الإسرائيلي». وتابعت أن نتانياهو أبلغ نائب الرئيس أنه لم تكن لديه معلومات عن خطة البناء الجديدة، وأن الحديث يدور عن إجراءات شكلية لا تخضع لتصديق المستوى السياسي وتتعلق بخطة بناء وضعت قبل ثلاث سنوات ويحتاج التصديق النهائي عليها شهوراً أخرى، كما «كرر على مسامع ضيفه أنه لم تكن لدى أي من المسؤولين الإسرائيليين نية لإحراجه أو للمساس بزيارته». وذكرت وكالة «رويترز» أن وزير الرفاه الإسرائيلي اسحق هرتسوغ اعتذر أمس عن إحراج بايدن بالقرار. ونقلت عنه قوله للإذاعة العسكرية: «ما كان يجب أن يحدث ذلك أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي ... هذا إحراج حقيقي والآن يتعين علينا تقديم اعتذارنا عن هذا الخطأ». وأكد مسؤول إسرائيلي بارز «توجيه رسائل إلى بايدن والأميركيين أنه لم يكن هناك قصد بإحراجه». وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قرار حكومته أمس. وأعلن مكتبه في بيان أن «أوساط الوزير تعبر عن غضبها بعد الإعلان غير الضروري عن هذا المشروع الذي يعرقل مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، وهي مفاوضات لإسرائيل مصلحة كبرى فيها». من جهتها، كتبت «يديعوت أحرونوت» أن «السطحية والاستهتار، وكما يبدو الخبث أيضاً، نجحت في خلق أزمة عنيفة بين إسرائيل والأميركيين، وأنها تتسبب في حرج كبير لرئيس الحكومة الإسرائيلية وتهدم زيارة نائب الرئيس الأميركي لإسرائيل». وأضافت أن بايدن ومرافقيه صعقوا من إعلان وزارة الداخلية «فيما اعتبر ناطقون باسم الإدارة الأميركية التوقيت محرجاً لبايدن ... أما في الولاياتالمتحدة فاعتبروه خدعة إسرائيلية مقصودة». ولفتت إلى أن الأميركيين «ترددوا حتى اللحظة الأخيرة» في شأن حضور حفلة العشاء مع نتانياهو من عدمه، ما أدى إلى تأخر بايدن وعقيلته عن الموعد ساعة ونصف الساعة. وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن نتانياهو الذي شعر بحجم الحرج الذي تسبب به لضيفه، أرغم وزير الداخلية ايلي يشاي على إصدار بيان يقول فيه إن لا علاقة بين توقيت صدور البيان عن مخطط البناء الجديد وزيارة نائب الرئيس الأميركي. إلا أن أوساطاً سياسية وجهت انتقادات شديدة ليشاي ورفضت قبول تسويغه بعدم علمه بقرار لجنة التخطيط والبناء في وزارته. ورأت أوساط يسارية أن يشاي، وهو زعيم حركة «شاس» الدينية المتشددة، كان وراء إعلان الوزارة احتجاجاً على قرار نتانياهو استئناف المفاوضات غير المباشرة مع السلطة الفلسطينية. وقال عضو البلدية الإسرائيلية للقدس عن حزب «ميرتس» اليساري مئير مرغليت إن «هذا حي استيطاني جديد نسبياً أقيم قبل عشر سنوات بين مستوطنة راموت وحي شعفاط وعلى أراض مصادرة من سكانه الفلسطينيين». وأضاف أن الغالبية الساحقة من سكان مستوطنة «رمات شلومو» هي من اليهود المتزمتين دينياً (حرديم) الذين ينشطون ضد البناء في شعفاط. وتابع: «ليس فقط أنهم (الحرديم) سلبوا الأرض، إنما لا يتوقفون أيضاً عن بذل ما في وسعهم من أجل منع العرب من البناء في أراضيهم». واعتبر إعلان البناء الجديد «مبادرة من يشاي للتخريب على نتانياهو وموافقته على استئناف المفاوضات غير المباشرة ... التصديق على البناء يشكل صفعة على وجه الإدارة الأميركية».