قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» لحقوق الانسان في تقرير أصدرته الأحد الماضي، إن ذوي الإعاقة العقلية في الصومال يوضعون إجبارياً في مؤسسات ويتعرضون لانتهاكات خطرة وظروف سيئة. ووجد تقرير عنوانة «مكبلون كالأسرى: الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة العقلية في الصومال»، أن الرجال الذين يعانون من الإعاقة العقلية يواجهون قيوداً تعسفية، وعلاجاً غير طوعي، واكتظاظاً في المراكز الصحية الخاصة والعمومية. وأوضح التقرير ان معظم هؤلاء المعوقين يحتجزون رغماً عنهم، وليس لديهم إمكان الطعن في احتجازهم في المراكز الخاصة، ويواجهون تكبيلاً عقابياً مطولاً، وحبساً وعزلاً، وقيوداً شديدة مفروضة على حركتهم، بالاضافة إلى ضرب المرضى المقيمين الذين يرفضون تناول الدواء أو اتباع الأوامر. ووفقاً ل«منظمة الصحة العالمية»، تشهد الصومال معدلات مرتفعة من الإعاقة العقلية والاجتماعية. وأفادت الباحثة في القسم الأفريقي في «هيومن رايتس ووتش» لايتيسيا بدر ان «المراكز تُخضع المقيمين فيها لأنظمة شبيهة بالسجن والعزلة، بدلاً من توفير الرعاية الطبية المناسبة أو إعادة التأهيل. وعلى السلطات في الصومال التحرك بسرعة لمعالجة هذه الانتهاكات». وأجرت المنظمة الأبحاث في مناطق هرغيسا وبربرة وغابيلي، وقابلت أكثر من 115 شخصاً، من بينهم 47 من ذوي الإعاقة الفعلية في مؤسسات تعرض معظمهم فيها للإساءة، فيما تغيب المحاكمة العادلة والرقابة القضائية. وركز البحث على مراكز الإقامة التي يديرها القطاع الخاص في هرغيسا. وبما أن معظم المراكز تستضيف الرجال، فإن النتائج تعكس بصورة كبيرة أوضاعهم، على رغم أن النساء ذوات الإعاقة العقلية يعانين أيضاً انتهاكات خطرة. ولا تحتفظ الصومال ببيانات رسمية عن ظروف الصحة العقلية ومدى انشارها، لكن البحوث الحالية تشير إلى مستويات عالية تنذر بالخطر نتيجة العنف والصدمة بتاثير من الحرب الأهلية، وانعدام الخدمات الصحية، واستخدام منشط «القات» على نطاق واسع وهو شبيه بمادة «الأمفيتامين». وفي العام 2014، أقرت السلطات الصومالية خططاً حددت الصحة العقلية بوصفها أولوية، ودعت إلى صياغة تشريعات تتماشى مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. لكن هذه الخطط لم تُنفذ. ويتغاضى الدعم الدولي للخدمات الصحية إلى حد كبير عن الصحة العقلية، اذ يوجد حالياً طبيبان للأمراض العقلية لحوالى 3.5 مليون شخص في الصومال. وفي السنوات الأخيرة، ظهرت مراكز يديرها القطاع الخاص في منطقة هرغيسا، لتلبية الطلب الكبير على رعاية الصحة العقلية والخدمات المجتمعية الطوعية شبه المعدومة. ووجدت «هيومن رايتس» أن هذه المراكز، بدلاً من تقديم الرعاية الطبية المناسبة، هي الى حد كير أماكن احتجاز وعزل، ومعظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم جرى وضعهم في المراكز رغماً عنهم من قبل ذويهم، فيما اعتقل بعضهم لمدة تصل إلى خمس سنوات. ويخضع المرضى في المراكز إلى جدول زمني صارم وضرب وتكبيل. ويُستخدم التكبيل على نطاق واسع، فيما يستخدم كشكل من أشكال العقاب في المراكز الخاصة وفي جناح الصحة العقلية في مستشفى بربرة العام. وأشارت المنظمة الى ان جناح الصحة العقلية في المركز الاستشفائي في هرغيسا هو الوحيد الخالي من التكبيل. وذكرت «هيومن رايتس» إن معالجة أزمة الصحة العقلية في الصومال ستتطلب جهوداً كبيرة، وعلى السلطات أن تبدأ حظر التكبيل وتنظيم ومراقبة مؤسسات الصحة العقلية كافة ويتوجب على الحكومة توفير الرعاية الكريمة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والاجتماعية. ويتعين على السلطات الصومالية، بمساعدة شركائها الدوليين، توظيف وتدريب المزيد من مهنيي الصحة العقلية والعاملين الاجتماعيين، واعتماد تشريعات الصحة العقلية بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.