الفائزون بجوائز الأوسكار هذا العام أثبتوا للمشاهدين ولزمرة الصحافيين الذين لا تتعدى رؤيتهم إطار الشاشة التي يجلسون أمامها، أن القراءات النقدية التي تغص بها الصحف في أعقاب عرض الأفلام وقبل توزيع جوائز الأوسكار والتوقعات التي لا يكف أصحابها عن «الثرثرة» طوال العام، من المستحيل أن تكون قاطعة، أو حتى قريبة من مرمى «الأوسكار»، وأن الفوز غير محكوم بالإبهار البصري أو الإنتاج الضخم، أو القصة «الطازجة» الشهية، أو التاريخ السينمائي «العملاق»، فهناك معايير أخرى لا يعرفها إلا القائمون على «الأوسكار»، ولا يعمل بها الا هم. فحفلة الأوسكار (رقم 82) «المبهرة» التي اقيمت أمس في هوليوود (عاصمة صناعة السينما الاميركية، أفضت نتائجها إلى انتصارات لم تكن مدرجة في قائمة الفائزين بحسب توقعات «صحافية أو شعبية». خذل الفيلم الأعلى كلفة ودخلاً في تاريخ السينما والنجم الأهم قبل وبعد طرحه «أفاتار» وجعل من هزيمته أمراً سهلاً جداً أمام واحد من الأفلام الأقل دخلاً وكلفة، وهو «ذا هيرت لوكر» أو «خزانة الألم»، فالفيلم الذي كلف 15 مليوناً في إنتاجه ولم يحقق عوائد مالية أكثر من 16 مليوناً، كان طوال العام بعيداً عن أحاديث المتابعين والنقاد إلا أن لجنة تحكيم الأوسكار وجدت في أحداث الفيلم البسيطة وواقعيته، ما لم يجده المتابعون لتنصفه بست جوائز اوسكار، جاعلة منه الفيلم الأغلى هذا العام. وليس هذا هو الاستحقاق الوحيد الذي يحصده «خزانة الألم» أمام منافسه «أفاتار»، ففضلاً عن أن بلايين الأخير عجزت عن مساعدته للصعود على منصة التتويج بلقب فيلم العام، فإن الفائزة بلقب أفضل إخراج «كاثرين بيغلو» هي طليقة «جيمس كاميرون»، وهو ضمن معايير خاصة جداً يعتبر نصراً زاهياً. وهل هناك انتصار فني أعظم من خطف لقبين ثمينين، الأول جائزة المخرجة الأفضل وأفضل فيلم من أمام زوج سابق؟! وإن أردنا المضي إلى أبعد من ذلك فإن التاريخ يسجل لبيغلو أنها السيدة الأولى التي تحقق اللقب في تاريخ السينما الأميركية. وفي الجهة المقابلة فإن نجوماً مثل ساندرا بولك وجيف بريدغيز لم يسبق لهما تحقيق لقب الأوسكار على رغم حضورهما المميز في عدد من الأفلام الشهيرة في تاريخ السينما، إلا أنهما نجحا في حصد ذلك للمرة الأولى هذا العام، فبولك التي رشحت للمرة الأولى في تاريخها هذا العام حققت أغرب مصادفة بفوزها بلقبين متناقضين إذ انها توجت بجائزة أسوأ ممثلة عن دورها في فيلم «عن ستيف» قبل أيام من تتويجها للمرة الأولى بأوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «البعد الآخر»، أما بريدغيز فيبدو أن الحظ تأخر جداً قبل أن يحالفه، فالنجم الذي رشح للأوسكار خمس مرات بدأت قبل 38 عاماً نجح في حمله أخيراً بفضل أدائه في فيلم «قلب مجنون» الذي وصفته الصحافة بالفيلم الهادئ نظير قلة عوائده المالية، وضعف الإقبال عليه. إضافة إلى الأحاديث «المنتقدة» التي صاحبت عرضه. أفضل فيلم وإخراج فاز فيلم «خزانة الألم» بجائزة أوسكار أفضل فيلم، وهو فيلم منخفض التكاليف يتناول حرب العراق، ليتفوق على فيلم الخيال العلمي باهظ التكاليف «أفاتار» الذي أخرجه الزوج السابق لمخرجة «خزانة الألم». وكانت كاثرين بيغلو مخرجة الفيلم فازت بجائزة أفضل مخرجة للمرة الأولى، لتصبح أول امرأة على الإطلاق تفوز بجائزة أوسكار أفضل مخرجة. وبيغلو هي رابع امرأة ترشح لجائزة اوسكار أفضل مخرجة، وكانت ضمن أربعة منتجين للفيلم مع مارك بوال ونيكولا شارتييه وغريغ شابيرو، ومنع شارتييه من حضور مراسم حفلة الأوسكار، بعد أن كسر قواعد الأوسكار بإرسال رسائل بالبريد الالكتروني لأفراد لجنة التحكيم للترويج للفيلم. أفضل ممثلة وفازت الممثلة ساندرا بولوك بجائزة اوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «البعد الآخر»، وساعد أداء بولوك الساحر في جعل «البعد الآخر» أول فيلم تقوم ببطولته امرأة بمفردها يتجاوز 200 مليون دولار في مبيعات التذاكر في الولاياتالمتحدة وكندا، وهذه أول جائزة اوسكار لبولوك. أفضل ممثل حقق الممثل جيف بريدغيز جائزة اوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم «قلب مجنون» ورشح بريدغيز شقيق بيو بريدغيز وابن النجم لويد بريدغيز لجائزة الأوسكار أربع مرات، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها بجائزة الأكاديمية. أفضل ممثل مساعد نال الممثل النمساوي كريستوف فالتس جائزة اوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم «الأوغاد المنتقمين»، ليحصد أول جائزة أوسكار في تاريخه. والدور الذي حصل عليه فالتس الاوسكار هو أول مشاركة له في فيلم أميركي، وكان فالتس الأوفر حظاً بعد أن اكتسح المهرجان واختيار النقاد وجوائز النقابة. أفضل ممثلة مساعدة فازت الممثلة مونيك بجائزة اوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم «بريشوس»، وكان ينظر على نطاق واسع لمونيك على أنها الأوفر حظاً لنيل الجائزة لدورها في فيلم «بريشوس» المقتبس من رواية «ضغوط» لسافاير، وكانت تعرف في السابق بأدوارها الكوميدية والتلفزيونية. أفضل فيلم أجنبي ذهبت جائزة اوسكار أفضل فيلم أجنبي للفيلم الأرجنتيني «السر في عيونهم»، وبذلك تفوز الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية بثاني جائزة من الأكاديمية عن دراما الجريمة، وفازت الأرجنتين بجائزة الاوسكار، الأولى عام 1985 عن فيلم «القصة الرسمية». أفضل فيلم رسوم متحركة طار فيلم الرسوم المتحركة «تحليق» بجائزة الاوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة، وتدور أحداث الفيلم الذي أخرجه بيت دوكتر حول رجل عجوز في ال 78 من العمر يحقق حلمه وهو السفر حول العالم، إذ يقوم بربط ملايين البالونات الملونة، ليسافر عبرها متجها إلى شمال أميركا، ولكنه يفاجأ بأنه أحضر معه في رحلته من دون قصد أسوأ شريك وهو طفل في التاسعة يصر على إزعاجه باستمرار. وشهد حفلة الاوسكار هذا العام منافسة قوية بين الأفلام المرشحة، والتي بلغت عشرة أفلام للمرة الأولى في تاريخ الأوسكار وهي «أفاتار» و»البعد الآخر» و«حي رقم 9» و«خزانة الألم» و«الأوغاد المنتقمين» و«بضغوط» و«رجل جاد» و«تحليق» و«المسافر» و«تجربة».