وكأنه يجسد مقولة الغائب الحاضر الشاعر محمود درويش، و «نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً»، يبتكر الشباب الفلسطيني، طرقاً جديدة في ساحات المواجهات ونقاط الاشتباك مع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربيةالمحتلة، والقدسالشرقية، تعكس تعلق الفلسطيني بالحياة، حتى في تلك الجغرافيات التي باتت عناوين دائمة للموت برصاص غير طائش لقناص أرعن. وكم كان لافتاً قيام أحد الشبّان بممارسة الدبكة (الرقص الشعبي الفلسطيني)، قبل أن يلقي حجراً بمقلاعه تجاه جنود الاحتلال المتمترسين بأسلحتهم الفتاكة في إحدى ساحات المواجهات قرب مدينة رام الله، وكأنه يقدم لوحة راقصة في عرض أمام الملايين، وخاصة بعد أن التقطته عدسة أحد المصورين، ليصبح الفيديو رسالة إلى العالم بأن الشباب الفلسطيني يقاوم لا لينتحر، كما يروج الإعلام الإسرائيلي، بل لكونه ضاق ذرعاً بجرائم المستوطنين وجنود الاحتلال وعربداتهم. ومن حركات المقاوم الراقص، أو «المقاوم الدبّيك»، كما سماه بعض الناشطين، يتضح أنه محترف، ف «خبطات قدمه» كانت «هدّارة» على الأرض، بينما كان يمسك المقلاع، ويلوح به، وكأنه يقود فرقة دبكة شعبية فلسطينية في حفلة جماهيرية، ولكن هذه المرة، كان يحلق في السماء ليطلق حجراً كان يحمله مقلاعه، في اليد التي كانت تحمل روحه أيضاً. وفي ابتكار لافت للشباب الفلسطيني في ساحات المواجهات، نظم بعض الشبان واليافعين، استعراضاً لمهاراتهم في كرة القدم، في إحدى ساحات المواجهات في مدينة بيت لحم، وكانوا جميعهم ملثمين، كي لا تنكشف هوياتهم ويتم اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال. وأظهر بعض الشبان قدرات فائقة في استلام الكرة وإرسالها بعضهم إلى بعض، مع عدم تجاهلهم لاستعراض مهارات احترافية في مداعبة كرة القدم، وسط الإطارات المشتعلة، وعلى مرمى رصاص قوات الاحتلال، وهو فن كروي يعرف محلياً باسم «التصميد»، وعالمياً باسم (JUGLING)، وسط حماسة وتشجيع كبيرين من المحيطين بهم، حيث تقمّص أحدهم دور المعلق التونسي الشهير عصام الشوالي. ومارس شبابٌ ما يسمى ب «تحدّي الكرسي»، اذ يقوم الواحد منهم بإحضار كرسي بلاستيكي والجلوس عليه في ساحات الاشتباكات، بمواجهة فوهات بنادق الاحتلال وقناصتهم، مشيرين إلى أن هذه أرض فلسطينية، ومن حقهم الجلوس حيثما شاؤوا، وأن على الاحتلال الرحيل. وواجه الشباب الفلسطيني في القدس الاعتداءات المتواصلة من قوات الاحتلال والمستوطنين في المدينة المقدسة، بحملة «مش خايفين»، عن فكرة الشاب رامي حماد، الذي قال: «طرحت على مجموعة من أصدقائي أن نذهب الى منطقة باب العمود، وسط القدس، وأن نجلس هناك كالمعتاد، وأن يأتي أصدقائي بأصدقائهم أيضاً، لتوسيع الحملة.. تواصلنا عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي بدعوات للشبان والأهالي ليذهبوا ويثبتوا تواجدهم ولو لدقائق». وأضاف حماد: «قبل أيام، وزع الشبان في باب العمود تمراً على الناس، ولعبوا كرة القدم، قبل أن يحاول الاحتلال مصادرة التمر والكرة، من شدة غيظه، بعد فشله في تحويل القدس إلى مدينة أشباح». وأطلقت «مُؤسسة الرؤيا» الفلسطينية بالتعاون مع مجموعات شبابية مقدسية حملة «متخافش». وقال مدير المؤسسة رامي نصرالدين إن الحملة تهدف إلى تعزيز صمود المقدسيين في مدينتهم، وبخاصة البلدة القديمة، وتدعو الجمهور المقدسي إلى الإصرار على الوجود والبقاء والتجوّل في القدس القديمة.