اختلف الكاتب في «عكاظ» الدكتور أنمار مطاوع مع نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ سابقاً الدكتور أيمن حبيب حول العلاقة بين كرسي رئاسة التحرير وحرية القلم في الصحف المحلية، إذ أكد الكاتب أنه لا يوجد رئيس تحرير يمكن أن يعوق جواز مرور مقالة، كونها تعد رافداً قوياً لنجاح كرسي الرئاسة، خصوصاً إن كانت قويةً وشفافة. فيما أكد حبيب ل«الحياة» أن العلاقة ترتبط بمؤثرات خارجية عدة، فأحياناً تجاز المقالة في صحيفة، بينما تمنع في أخرى، ما يعطي مؤشراً مهماً على أن كرسي الرئاسة يتحكم في مساحة الحرية الممنوحة للكاتب أو صاحب المقالة. وأوضح حبيب أن كرسي رئاسة التحرير يعدّ كرسياً خاصاً، له بريقه وإمكاناته المرنة في أحوال، والمطاطية في أحيان، والضيقة في أحيان كثيرة، وهذه المواصفات قلّ أن تماثلها مواصفات أخرى في مناصب مختلفة، مشيراً إلى أن تحمل أعباء هذا الكرسي يستدعي توافر خصائص معينة في من يجلس عليه. وشدّد على أن العلاقة بين الكرسي وحرية القلم علاقة حتمية ووثيقة، «نشاهد ذلك جلياً في مقالات عدة، فنرى أحياناً مقالةً تجاز في صحيفة بينما تمنع في أخرى، ما يؤكد أن الكرسي يتحكم كثيراً في منح الحرية أو شيء من حدودها، لكننا نجده في أوقات كثيرة مراعياً ومقدراً للرسالة والفكر الذي يحمله الكاتب، بل إنه يفتح مشاعاً من الحرية وبشكل واسع، خصوصاً إذا ما كانت القضية أو الهم اجتماعياً ويلامس مشاعر وأحاسيس الناس. وأوضح أن هناك الكثير من الرؤى التي تسيء إلى حرية الرأي داخل السعودية، فتجد العديد من رؤساء التحرير يزعمون معرفتهم حدود الحرية في الكتابة الصحفية، بينما هم في الغالب لايدركون حجم ومساحة تلك الحرية، فيؤثرون سلباً في توجهات الكاتب، وعطائه، إضافةً إلى أنهم يسهمون بطريق مباشر في حرمان القارئ من أن يجد متنفساً صادقاً يحاكي قضيته أو يجد لها الحلول ويفعّلها. وقال: «لا يوجد قانون معين يحدد ما يقال أو ما لا يقال، لكن هناك حريات لايمكن إطلاقها، وفي المقابل هناك ضيق أفق نجده في بعض ملاك ناصية القرار، برؤاهم، وتخبطاتهم العشوائية، ما يجعلهم يسيئون لنا، ولحرياتنا، ويعملون على تهميش القلم الحر، الذي يبحث عن الكلمة الصادقة، والنقد الهادف بحجة الحرية»، مضيفاً: «ما يحفّز كرسي الرئاسة إفساحه المجال أمام ذوي الرؤى أن يفعلوا في سماء حريتنا وصحافتنا ما يشاؤون». أما الكاتب الدكتور أنمار مطاوع، فيختلف مع من يقول إن كرسي الرئاسة «يعطل» حرية القلم، مؤكداً ومن خلال معايشته جيلين كاملين أن هذا الأمر عار من الصحة. وتابع: «لا أعتقد أن هناك رئيساً للتحرير يعوق مقالة كاتب، خصوصاً عندما تكون ساخنةً، وتناقش أمراً مهماً ومفيداً»، مؤكداً أن معظم رؤساء التحرير خصوصاً المتمردين منهم دائماً ما يبحثون عن كتاب شجعان، ذوي شفافية، ويملكون الصراحة والجرأة لمعالجة ومناقشة المواضيع التي تهم رجل الشارع البسيط. وأوضح أن كتاب المقالة يعدون في الأساس روافد نجاح مهمة لكرسي الرئاسة، كونهم هم الترمومتر الحقيقي للصحيفة، وهم من يستطيعون رفع أسهمها عالياً، وخفضها في الجانب الآخر، لافتاً إلى أن رؤساء التحرير هم الوحيدون المطلعون على كامل الطاولة الصحفية التي تهم صحيفتهم من الجوانب والتفصيلات كافة، وهم العارفون ببواطن ما يصلح للصحيفة وما لا يصلح لها. وألمح إلى أن الصمام الأول لكاتب المقالة هو رئيس التحرير، فإذا ما وجد الكاتب المساحة الحرة، والشفافية المطلقة، والحماية الكاملة فإنه يمنح لقلمه بعداً آخر ينعكس إيجاباً على الوهج الصحافي للصحيفة نفسها، والعكس صحيح، مشيراً إلى أن الحرية التي يقصدها ليست تلك المطلقة على عواهلها، «لكنها الحرية المقننة المتزنة التي تمنح للصحيفة صدقيةً واحتراماً ووعياً لدى قارئها والمتابع لها. وشدّد على أن النقد لمجرد النقد أصبح ممجوجاً ومملاً، «سئم الناس من الكاتب الذي يشتم، ويقذف، ويبحث عن عيوب الدولة، ويلقي التهم جزافاً، وأصبحوا يتطلعون إلى الحل الذي يسهم في رفع معاناتهم وآلامهم، ويناقش همومهم، بدلاً من الحديث في أمور لا تقدم ولاتؤخر في مسيرة العمل التنموي».