يروج البرنامج التلفزيوني الجديد «المفاوض» الذي يبدأ عرضه غداً (الاثنين)، لنفسه بهذه العبارة الإعلانية الجاذبة «كلمة السر هي الجرأة... ومفتاح اللغز هو القرار الحاسم. اللعبة تبدأ بالأسئلة، والجواب الصحيح ليس النهاية... لكنه بداية التحدي الحقيقي»... مستعيراً الموسيقى التصويرية لفيلم الرعب الشهير «saw» أو «المنشار» ذي الأجزاء الستة، في إِشارة واضحة إلى لعبة «الحياة والموت». ويقدم البرنامج الذي يمتد لدورة برامجية كاملة على تلفزيون دبي الزميل الإعلامي إبراهيم بادي، في تجربة هي الثانية له بعد ثلاثة أعوام قضاها في تقديم برنامج «سوالفنا حلوة» على القناة نفسها، بمشاركة ستة مذيعين آخرين من ثقافات وجنسيات مختلفة. وإبراهيم الذي لم يفكر جدياً في تقديم برنامج تلفزيوني قبل «المفاوض»، يقول عن «تجربة التقديم» في «سوالفنا حلوة»: «ليست سوى امتداد لاهتمامي بالقضايا الاجتماعية، ولم أعتبر نفسي فيها مقدم برامج بل ضيفاً دائماً. وأرى أن الصفحات المتخصصة، التي أشرفت عليها إبان عملي في صحيفة «الحياة» في طبعتها السعودية، شكلت لدي مخزوناً أدين له في تكوين وجه تلفزيوني ليس نسخة من أحد. وأعتقد أن ندرة المتحدثين الذين يرتكزون على العفوية، ولا يعتمدون على مُعدين يلقمونهم ما يقولون، يساعد في إبراز بعض من وجدوا أنفسهم فجأة في الكادر التلفزيوني، مثلي». كيف وافق على تقديم «المفاوض»، وهو لا يرى في نفسه مقدم برامج؟! يجيب: «بعد ثلاث سنوات من تجربة تلفزيونية، لا تزال قائمة، أكسبتني خبرة تقنية ومعرفة بالعملية الانتاجية، ترقبت تجربة أخرى، وكان الفضول يحمسني، لكني لم أتخيل أني سأقدم برنامج مسابقات. وذلك كشف لي جهلي بهذا النوع من البرامج. كنت أظن أن معظم برامج المسابقات خفيفة وترتكز على الترفيه المعلوماتي، أو الربح المادي من الهواء، ولا تحتاج سوى إلى مقدمي برامج يملكون كاريزما وتقنية محدودتين. وجهة النظر هذه تغيرت حين عُرض عليّ المفاوض وبدأت في الاجتماع بمبتكر النسخة الأجنبية والمسؤولين في قناة دبي، الذين كان لهم الدور الأكبر في تشجيعي، فقررت أن أصدم نفسي بخوض هذه التجربة قبل أن أصدم من يعرفني حتى من خلال سوالفنا حلوة». وفي برنامج المفاوض، يختار المشترك في البداية 5 مظاريف (مغلفات) من 40 مظروفاً وضعت على رف، كل مظروف يحتوي على مبالغ تصل إلى 100 ألف درهم إماراتي، وبعض المظاريف قد لا تحمل قيمة، وبعضها قد تكون بالسالب (تُنقص من قيمة ما ربحه). المشاهدون والمفاوض يعرفون ما في الظروف بينما المشترك يجهل ذلك. يطرح مقدم البرنامج (المفاوض) 5 أسئلة، ومع كل إجابة صحيحة يحتفظ المشترك بأحد المغلفات الخمسة التي اختارها، أما إذا كانت الإجابة خاطئة فإنه يخسر أحد هذه المغلفات، ويتم تمزيقها. وبعد تجاوز مرحلة الأسئلة تبدأ مرحلة المفاوضة بين المتسابق والمفاوض لشراء المغلفات أو فتحها. وما يميز المفاوض من وجهة نظر بادي هو أنه «يرتكز على فن المفاوضة وفلسفتها، والسر يكمن بالخوف من الخسارة المعنوية وليس المادية». ويضيف: «التحدي الذي أواجهه في هذا البرنامج ليس التقديم وتقنياته بل كيفية صناعة دراما عفوية مدروسة يكون المشترك بطلها. ويشعر هذا الأخير في لا وعيه أنه تحت ضغط مؤامرة يشترك فيها المشاهد. إذ إن المشترك يتفاوض معي على شراء أو بيع مغلفات يجهل ما تحتويه، في الوقت الذي نعرف فيه، أنا والمشاهدون، القيمة المادية الموجودة في المغلفات. كما أنني شخصياً أقع تحت ضغط ثقة المشاهد بي، كمفاوض محترم لديه مبادئ يحافظ عليها، وتحت ضغط امتلاكي لسلاح هو جهل المشترك بما يفاوض عليه. وهذا الجهل يدفعه إلى الحرص على تخمين ما في المغلفات بناء على عروضي المالية التي أقدمها إليه وبناء على ردات فعلي وانفعالاتي. وهنا يكون وجهي وعيناي وعباراتي وكلماتي ونبرة صوتي وقراراتي نقاط ضعف يمكنه الاستفادة منها للخروج بأكبر ربح ممكن، لكن ذلك يحتاج إلى مشترك يمتلك مهارة عالية». وعمّا إذا كان هذا يعني أن البرنامج لن يكون سخياً مع مشتركيه، يوضح مقدم البرنامج: «يخطئ المشترك خطأً قاتلاً، حين يظن أن هدف المفاوض أن يخسر المشترك أكبر قدر ممكن مما ربحه في المرحلة التقليدية وهي الأسئلة، لأن هدف المفاوض الحقيقي كما قلت: صناعة دراما عفوية مدروسة يكون المشترك بطلها، ويحركها مفهوم الأخير للخسارة (معنوية أم مادية). لكن حتماً هناك من سيربح مبلغاً مادياً، وهذا المبلغ يحدده حظه في اختيار المغلفات، ثم إجاباته، ثم الأساس وهي مهارة التفاوض لدى المتسابق وقدرته على أخذ القرارات الثاقبة قي الوقت المناسب ليفوز بمبلغ قد يتجاوز ال 200 ألف درهم». ويستدرك: «لكني أستبعد ذلك، فإذا ربح المتسابق مبلغاً كهذا، فلن أستحق لقب المفاوض». ويؤكد بادي أن إتقان بعض تقنيات التفاوض وكيفية التلاعب وإيهام المشترك عبر دراسة شخصيته ولعب دور المحايد وقت التفاوض ولحظة التصوير، ليس كل ما يفعله في هذا البرنامج، ويشرح الأمر بقوله: «اهتممت حتى بالمظهر الخارجي، إذ اتفقت والمسؤولين في قناة دبي على أن يكون الزي الخليجي أساسي في اللعبة، خصوصاً أنه يغيب عن معظم برامج المسابقات، وقد كانت شخصية المفاوض تعتمد على التكلف باللباس، كما عملت على المفردات واللازمات لابتكار شخصية خليجية مختلفة وفريدة بمفرداتها ولغة جسدها، وقد شارك في صناعة هذه الشخصية كثيرون ومنهم مختصون وأكاديميون في المسرح وعلم النفس والتسويق، من لبنان والسعودية والإمارات».