افتتح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره من جمهورية شمال قبرص التركية مصطفى آكنجي أمس (السبت) "مشروع العصر"، الذي يهدف إلى سد حاجة الشطرالشمالي الذي تعترف به تركيا فقط، من مياه الشرب والري حتى العام 2040 على الاقل، خصوصاً وان الجزيرة الصغيرة معرضة إلى خطر الجفاف. ويهدف المشروع الذي اطلقته تركيا في العام 2011 واعترض عليه الشطر اليوناني من الجزيرة بشدة، إلى تزويد قبرص التركية ب 75 مليون متر مكعب من الماء، يخصص حوالى نصفها للشرب ويذهب النصف الآخر للري. وستنقل المياه من خلال خط أنابيب مصنوعة من مادة "بولي إيثيلين" عالية الكثافة، قامت بتمديدها شركة "كاليون" التركية للإنشاءات على مسافة 107 كلم، 80 منها تحت البحر المتوسط، لنقل المياه من سد "الاكوبرو" في ولاية مرسين جنوبتركيا إلى سد في شمال قبرص. يذكر أن جزيرة قبرص الصغيرة معرضة للجفاف، إذ انها تعتمد على السدود لتجميع المياه خلال فصل الشتاء الممطر، بالإضافة إلى معامل تحلية مياه البحر الباهظة الكلفة، والتي أقامتها جمهورية قبرص اليونانية. من جانبها، اعتبرت جمهورية قبرص (اليونانية) الخميس الماضي أن إقامة أنبوب مياه بحري بين تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية "أمر غير قانوني وانتهاك للقانون الدولي"، لافتة إلى أنه من شأن ذلك أن يؤثر في مفاوضات إعادة توحيد الجزيرة المتوسطية. وبدأت مفاوضات جديدة بين جمهورية قبرص وجمهورية شمال قبرص التركية منذ أيار (مايو) الماضي بهدف التوصل إلى اتفاق سلام، يتيح إقامة دولة اتحادية موحدة في الجزيرة. الا ان خلافات عدة حول كيفية تقاسم الموارد الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة تعرقل المحادثات التي يرى الكثيرون انها الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين. وكان الشطر اليوناني من قبرص حذر في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 من إمكان فشل محادثات السلام التي تقودها الأممالمتحدة "اذا استمرت تركيا في محاولاتها عرقلة عمليات البحث عن النفط والغاز" في هذه الجزيرة المقسمة، معرباً عن استيائه من "إصرار أنقرة" على التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة ذاتها التي أصدرت حكومة قبرصالجنوبية تراخيص تسمح لشركات عدة بالتنقيب فيها، بينها "ايني-كوغاز" الإيطالية - الكورية و "توتال" الفرنسية و"نوبل" الاميركية وشريكتيها الاسرائيليتين "ديليك" و"انفير". وتطمح قبرص اليونانية إلى أن تصبح مركزاً اقليمياً لتسييل الغاز وتصديره، سواء لاحتياطاتها الخاصة أو لاحتياطات اسرائيل ولبنان، من خلال بناء محطة لتسييل الغاز الطبيعي في فاسيليكو قرب مدينة ليماسول الساحلية الجنوبية، ما يسمح لها بتصدير الغاز نحو الاسواق الأوروبية والأسيوية. لكن تركيا التي تسيطر على ثلث الجزيرة منذ 1974، تعارض أي عمليات تنقيب تقوم بها جمهورية قبرص اليونانية عن احتياطي النفط والغاز قبل التوصل الى اتفاق سلام يحدد كيفية تقاسم الموارد بين الجانبين. وتواجه تركيا تحدياً من الرئيس الجديد لقبرص التركية التي تعتبرها أنقرة "الأخ الأصغر" لتركيا، إذ يعارض آكنجي مساومة "الأخ الاكبر مع قبرص اليونانية وإسرائيل على مدّ خط غاز عبر تركيا بشروط أنقرة، فيما تبقى مسألة قبرص مجمّدة إلى حين تأمين الحكومة التركية مصالحها الاقتصادية". ورفض آكنجي، الذي فاز ب 63 في المئة من الاصوات في الانتخابات التي جرت في أيار (مايو) الماضي، "وصاية تركيا على القبارصة الأتراك وإدارتها شؤونهم دولياً والتحدّث باسمهم في المحافل الدولية"، لافتاً إلى أن "للأخ الصغير أن يكبر ويجالس أخيه". ولم يُخف الرئيس الجديد رغبته منذ انتخابه في "توحيد شطرَي الجزيرة وتسوية القضية القبرصية"، خصوصاً وانه يرى ان الفرصة سانحة لفعل ذلك مع وجود الرئيس نيكوس أناستاسياديس، زميله في توجهاته اليسارية، والزعيم القبرصي اليوناني الوحيد الذي صوّت للخطة التي طرحتها الاممالمتحدة العام 2004 لتسوية القضية القبرصية، وقبلها الشطر التركي من الجزيرة فيما رفضها الجانب اليوناني.