كشف فقهاء إسلاميون مشاركون في الدورة ال 19 لمؤتمر المجمع الفقهي الإسلامي الدولي عن تعرض دول إسلامية إلى ضغوطات خارجية كبيرة واستفسارات وانتقادات غربية بخصوص حرية مواطنيها دينياً. وطالبوا خلال أولى جلسات المؤتمر التي خصصت لبحث موضوع الحرية الدينية أمس بضرورة التخلي عن الأحكام القاسية بحق المرتد وعدم قتله، لتتعالى وتيرة النقاش وتزيد فوهة الخلاف بين الفقهاء المشاركين الذين احتد بعضهم في حين رد آخرون بعنف. وتفرعت مناقشات فقهاء المسلمين من أصل الحرية الدينية إلى فرع قضية المرتد. إذ طالب بعضهم بالتساهل والتهاون معه عوضاً عن تطبيق الأحكام المغلظة التي يرون أنها لا تناسب العصر الحالي، ليشتاط فقهاء آخرون غضباً ويشددوا على أن الأدلة المثبتة توجب تطبيق الحد على المرتد وقتله ورفضوا تغيير الأحكام الإسلامية كونها صالحة لكل زمان، ومع تواصل النقاشات طعنت الفئة الأولى في صحة أدلة عقوبات المرتد ونفت كونها حداً من الأصل. ما دفع خبير المجمع الفقهي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء عضو لجان المناصحة الدكتور محمد بن يحيى النجيمي للرد بقوة على من ذهبوا إلى عدم وجود إجماع من العلماء في قضية قتل المرتد، مستنداً الى أنه لا «اجتهاد مع النص» وأن كلامهم غير صحيح، ولكن العلماء اختلفوا حول المدة التي يتم فيها تنفيذ العقوبة هل هي ثلاثة أيام أم أسبوع أم شهور، فهذا الأمر متروك لولي الأمر الذي يحدد متى ينفذ». وتساءل الدكتور النجيمي عن دور المنظمات الحقوقية الدولية التي تثير كل يوم مشكلة وتدعي دفاعها عن حقوق الإنسان. وقال: «هذه المنظمات لن تسكت حتى لو تجاوبنا معها في كل شيء وهذا لن يكون ولن نقبل من أحد أن يعلمنا أمور ديننا وأين هؤلاء من قضية فلسطين؟ وأين هم من الهجوم الإجرامي على غزة وانتهاك المواثيق الدولية كافة». من جهته، استغرب وزير الأوقاف المصري محمود زقزوق موجة الاعتراضات على آرائه وبحثه حول الحرية الدينية الذي أثار جدلاً واسعاً وموجة خلافات كبرى بين الفقهاء المشاركين والذين انبرى جلهم لمناقشته ومجادلته. وقال وزير الأوقاف المصري ل «الحياة»: «أنا أقول إن الحرية الدينية حق مكفول لكل إنسان ولا يجوز لأحد أن يسفه رأي أحد، لقد جئنا لنناقش ونعرض آراءنا ولكل منا رأيه، أما إذا كانت الأمور مقررة سلفاً فلننصرف ونذهب إلى بيوتنا، وحقيقة لا أدري لماذا وضعت قضية الحريات الدينية على جدول الأعمال إذا كانت ستسبب كل هذه الانفعالات؟!، وبصراحة علينا أن نبحث الأمر بجدية ونصل إلى الصواب، لا أن نتبادل الاتهامات». وأكد الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي الدكتور عبدالسلام العبادي أن الأسباب التي جعلت قضية الحريات الدينية تحتل الصدارة في مناقشات هذه الدورة تتمثل في «طلب الكثير من وزارات الدول الإسلامية ووزارات الخارجية في دول منظمة المؤتمر الإسلامي من المجمع بصفته يمثل المرجعية الشرعية لدول المنظمة إصدار قرار أو بيان يخص هذا الموضوع الشائك، وكان من المفترض أن تخصص ندوة لدرس الموضوع ولكن للرغبة الملحة لدرسه تم إدراجه ضمن جدول أعمال هذه الدورة واستكتبنا عدداً من الباحثين ولابد أن أؤكد أن طرح قضية الحريات الدينية لم يكن بضغوط من أحد ولكن لأن دولنا ومؤسساتنا الشرعية تواجه استفسارات عن هذا الموضوع، ولا بد من مرجعية شرعية لإعداد الرد والإجابة على جميع هذه التساؤلات، وقد جاءت جميع البحوث لتدرس القضية من جميع أوجهها الشرعية، ولم أجد أي طرح خارج إطار الشرعية».