أيام قليلة مرت على استقبال أيمن حبيب العجمي والده العائد من الحج، قبل وقوعه مضرجاً بدمائه، نتيجة تلقيه وابلاً من الرصاص في عمل استهدف آمنين يقيمون مراسم وطقوساً دينية في الحسينية الحيدرية بسيهات أول من أمس (الجمعة). أيمن لم يكتف بمهمته التطوعية في تنظيم حركة السير خلال المراسم، بل تجاوزها في التضحية هذه المرة بحياته لإنقاذ آخرين، مكرراً عمل أبناء الأربش والعيسى، الذين قضوا في حادثة مماثلة في مسجد العنود في الدمام. فوجئ العجمي خلال عمله بهطول وابل من الرصاص في اتجاه الحضور، ما أوجد حالاً من الارتباك بينهم، فسارع إلى مساعدتهم في اللجوء إلى أقرب مكان آمن، حتى أصابته طلقات الغدر فخر صريعاً. والد العجمي على رغم حجم المأساة تجلد بالصبر مثنياً على ابنه بالقول «كان أيمن لا يترك أية مناسبة للتطوع، حتى إنه كان يتطوع سنوياً لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وفي هذا العام طلبت منه البقاء بجانب الأسرة والعمل على تلبية حاجاتهم، وكذلك حاجات جده الطاعن في السن، ولم يتردد في الموافقة من دون أية معارضة». وأضاف «ذهبت لأداء الحج، وحينما عدت كان في مقدم المستقبلين لي، بل وتوجني بإكليل ورد في مطار الملك فهد بالدمام من شدة فرحته بعودتي، على رغم خشيتي من أن يلومني لأنني طلبت منه البقاء وحرمته من التطوع هذا العام لخدمة الحجيج». وأشار إلى أن «أيمن كان يعمل في إحدى الشركات في مدينة الجبيل منذ عام، وكنت أخطط لأراه عريساً، ولكن شاءت الأقدار أن يرحل قبل أن أراه يرتدي مشلح الزفاف، وأنا أحتسبه عند الله شهيداً مع بقية من رحلوا من دون أي جرم ارتكبوه، على يد أحد الضالين عن الطريق المستقيم، إذ حرّم الله تعالى سفك الدم من دون حق». وقال «في العادة هو وأشقاؤه حبيب ومحمد يسبقونني إلى المسجد، ثم ألتحق بهم، كونهم من المتطوعين، وحينما هممت بالذهاب إلى المسجد سمعت صوت الرصاص والناس تتفجع، وسألت عن ابني فقيل إنه مصاب، وبعد زيارة عدد من المستشفيات في المنطقة عرفت أنه شهيد، واحتسبته عند الله، وليس لي أو لوالدته وإخوانه وأحبائه سوى الصبر والسلوان». وشدد على أن «أيمن تأثر كثيراً بوفاة عمه في حادثة جنائية قبل أربعة أعوام في مدينة الجبيل، إذ تهجم أحد الموظفين في مقر العمل طالباً المدير، الذي لم يكن موجوداً حينها، فقتل عم أيمن، وهو شقيقي (زكي) رحمه الله، ولكنه في كل الأحوال كان ملتزماً في طريق التطوع والأعمال الخيرية، إضافة إلى أنه لاعب كرة سلة بنادي الخليج، ويتمتع بروح طيبة وعلاقات حسنة مع الجميع». من جهته، أوضح شقيقه الأصغر محمد، الذي يبلغ من العمر 16 عاماً أن «أيمن كان من الأشخاص الذين ساعدوا في إدخال الموجودين إلى المسجد وإغلاقة، وحينما هممت بالخروج منعني شخصياً قبل أن يتم تداول صورته وهو صريع في المستشفى»، معتبراً أن «أيمن كان يمثل له أكثر من أخ، بل كان صديقاً ورفيق درب»، قبل أن يغادرنا في نوبة بكاء عميق.