بكين - أ ف ب، رويترز، موقع «بي بي سي» - حدّدت الحكومة الصينية أولوياتها لهذه السنة، وتتمثل في مواصلة تسجيل نمو قوي يتواكب مع توزيع أفضل لثمار التنمية الاقتصادية، في بلد تتسع فيه الهوّة في شكل خطير بين الطبقات الاجتماعية، خصوصاً بين المدن والأرياف. وأعلن رئيس الوزراء وين جياباو، في افتتاح الدورة السنوية في الجمعية الشعبية الوطنية (البرلمان)، أن «أسس النهوض الاقتصادي العالمي لا تزال هشّة، كما لا تزال تحديات كثيرة قائمة». لكنه أكد أن الهدف الذي تحدده الحكومة، والمتمثل في تسجيل نمو نسبته 8 في المئة سنوياً، «يشكّل عتبة تتيح الاحتفاظ بمستوى التشغيل». وشدّد على أن بلاده «ستواصل سياسة نقدية معقولة وسياسة مالية استباقية في محاولتها لمواجهة أثر أزمة الائتمان العالمية». ويُذكر أن الصين حققت نمواً بلغ 9 في المئة العام الماضي، على رغم الأزمة العالمية. واعتبر وين في جلسة البرلمان، الذي يضم 3 آلاف عضو، أن هذه السنة «حاسمة للاستمرار في التصدي لأزمة المال الدولية وضمان تنمية اقتصادية منتظمة وسريعة نسبياً، والإسراع في تغيير طريقة تنميتنا الاقتصادية». وشدد على أن الهدف الأساس من التنمية الاقتصادية، هو «ضمان حياة أفضل للمواطنين، ويجب ألّا نحاول زيادة ثروات البلاد عبر التنمية الاقتصادية فحسب، بل أيضاً العمل على توزيعها في شكل عادل». ولفت إلى أن الاقتصاد الصيني «واجه توقعات دولية قاتمة هذه السنة». وكشف عن «زيادات في الإنفاق على المواطنين الأكثر فقراً وسكان الريف البالغ عددهم 700 مليون، وهي تفوق الزيادة المزمعة في النفقات العسكرية». ويرد موضوع بناء «مجتمع منسجم» في كل الخطب الرسمية منذ سنوات في هذا البلد، الذي يسجل سنوياً عشرات آلاف «الحوادث الاجتماعية» التي تعكس استياء سكانه، الذين تُنتزع منهم أراضيهم من دون تعويض، او يعانون من الفساد والظلم، ولا يستفيدون من ثمار النمو. وعُقد اجتماع البرلمان وسط إجراءات أمنية مشددة، تفادياً «لأي حادث اجتماعي»، وانتشار الشرطة في شكل كثيف في ساحة تيان انمين حيث يقع قصر الشعب. ولا تنكر السلطات ازدياد الفارق العام الماضي، خصوصاً بين المدن والأرياف. إذ حصل سكان المدن على 3.33 ضعف ما كسبه سكان الأرياف، ولم يكن هذا المعدل يتجاوز 1.82 عام 1983. ووعد وين بأن تعمل حكومته من أجل «التوظيف والحماية المدنية في المدينة والريف، والاهتمام بالعمال الموسميين وغير المؤهلين النازحين من أريافهم للعمل في المدن، حيث يفتقرون إلى أبسط الحقوق». ورأت المنظمات الدولية الكبيرة والاقتصاديون بمَن فيهم الصينيون، أن الاقتصاد الصيني «سيستفيد من إقامة نظام حماية اجتماعية للجميع». وبذلك سيتمكن الصينيون من خفض التوفير تحسباً لفترات صعبة والتقاعد ولتدريس أبنائهم وسيستهلكون اكثر. وسيزيد ذلك في دفع النمو الداخلي الذي تسعى اليه السلطات، في حين لا تزال الصين تشهد تبعية كبيرة لصادراتها. وأبقت الحكومة على معظم التوجهات الاقتصادية من إعادة التوازن الى نموذج النمو الاقتصادي للدفع بالاستهلاك الداخلي والابتكار والنوعية، والإبقاء على استقرار اليوان وليونة السياسة النقدية، لكن مع تحديد سقف للقروض تفادياً لضغط التضخم والابتعاد عن أخطار الفقاعات التي يخشاها محللون. ولن تتخلّى الحكومة عن خطة النهوض بالاقتصاد المعلنة نهاية عام 2008، وتنص على استثمارات بقيمة 4 تريليون يوان (585 بليون دولار)، وأكد وين «الاستمرار فيها»