قبلت محكمة النقض المصرية، أمس، الطعن المقدّم من القيادي البارز في الحزب الوطني (الحاكم) رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وضابط الشرطة السابق محسن السكري ضد الحكم بإعدامهما شنقاً إثر إدانتهما بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم. وقررت المحكمة التي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد إعادة محاكمة طلعت مصطفى والسكري أمام دائرة جديدة من دوائر محكمة الجنايات في القاهرة. وما أن نطق رئيس محكمة النقض المستشار عادل عبدالحميد بالحكم حتى انهمرت الدموع من أقارب طلعت مصطفى ومحسن السكري وأخذوا يهللون فرحاً بينما أخذ العاملون في مجموعة طلعت مصطفى في ترديد هتافات «الله أكبر ... يحيا العدل» وعلت زغاريد بعض النساء من ذوي السكري ومصطفى، وقفز عضو هيئة الدفاع عن مصطفى المحامي فريد الديب من مقعده فرحاً. وعلمت «الحياة» أن طلعت مصطفى تابع جلسة المحاكمة من داخل قاعة المكتبة في سجن استقبال طرة عبر شاشات التلفزيون التي كانت تنقل جلسة النظر في الطعن، وكانت شقيقته سحر طلعت مصطفى بجانبه بعدما سمحت السلطات بدخولها السجن صباح أمس. وفور صدور الحكم عانق مصطفى شقيقته والدموع تنهمر فرحاً منهما. وأفيد أن مصطفى والسكري خلعا زي الإعدام (الأحمر) وارتديا زي الحبس الاحتياطي (الأبيض). وكانت المحكمة بدأت في التاسعة صباحاً النظر في الطعن ضد حكم الإعدام، إضافة إلى 11 طعناً آخر ضد أحكام مختلفة. وسُجّل حضور كثيف من رجال الإعلام المصري والعربي والدولي الذين توافدوا إلى ساحة المحكمة منذ الساعات الأولى للصباح في ظل إجراءات أمنية مشددة اعتيد اتباعها منذ البدء في محاكمة طلعت مصطفى والسكري. واستغرقت إجراءات النظر في الطعون نحو ساعة، قامت بعدها المحكمة برفع الجلسة حتى الثانية عشرة تقريباً بتوقيت القاهرة لتخرج هيئة المحكمة وتنطق بقبول الطعن وإعادة محاكمة طلعت مصطفى ومحسن السكري. وأوضحت مصادر قضائية ل «الحياة» أن قبول الطعن «ليس معناه الإفراج عن طلعت مصطفى والسكري، إذ أنهما يُعدان الآن متهمين في القضية لحين إعادة محاكمتهما من جديد أمام دائرة جديدة من دوائر محكمة جنايات القاهرة». وقالت: «قبول الطعن ليس معناه تبرئة المتهمين وإنما يعني أن الحكم الصادر شابه عدد من العيوب التي تستوجب نقضه». وأشارت إلى أن «مصطفى والسكري سيظلان قيد السجن احتياطاً على ذمة القضية ليقدما للمحاكمة الجنائية الجديدة محبوسين، حيث يعود الأمر إلى الحالة ذاتها التي كانا عليها خلال محاكمتهما في المرة الأولى، والتي قدما إليها محبوسين بقرار من النائب العام». ولفتت إلى أن لوائح القانون تلزم القائمين على سجنهما باستبدال ملابسهما الحمراء (زي الإعدام) بملابس الحبس الاحتياطي البيضاء. وأشارت المصادر إلى أن ملف القضية سيعاد إرساله إلى محكمة استئناف القاهرة باعتبارها المختصة في تحديد موعد إعادة المحاكمة واختيار الدائرة التي ستتولى النظر في القضية من جديد. وأوضحت أنه عقب صدور الحكم الثاني من محكمة الجنايات يكون أمام المتهمين فرصة ثانية وأخيرة للجوء للطعن أمام محكمة النقض التي لها إما أن تؤيد الحكم ليصبح باتاً ونهائياً أو أن تقبل الطعن من جديد وعندئذ تباشر محكمة النقض بنفسها المحاكمة الجنائية الثالثة والأخيرة للمتهمين. وأكد عضو هيئة الدفاع عن طلعت مصطفى المستشار فريد الديب في أول تعليق له على الحكم أنه كان على ثقة في نزاهة وقدرة محكمة النقض على تبيان عيوب الحكم بالإعدام وإلغائه، لافتاً إلى أن الحكم كان متوقعاً بالنسبة لهيئة الدفاع. كذلك أكد عضو هيئة الدفاع عن طلعت مصطفى المستشار بهاء الدين أبو شقة أن الحكم «عادل»، معتبراً أنه «كان متوقعاً لوجود أخطاء فنية كثيرة في الحكم السابق بالإعدام في القضية». وأعلن أبو شقة ل «الحياة» انسحابه من مواصلة الدفاع في القضية مبرراً قراره بخلافات نشبت في صفوف هيئة الدفاع خلال الفترة الماضية ما يجعله غير قادر على استكمال الدفاع عن مصطفى، في مؤشر إلى انشقاقات قد تحدث في الفترة المقبلة في صفوف هيئة الدفاع عن مصطفى. لكن أحد أقارب الأخير نفى ذلك في شدة، مؤكداً ل «الحياة» أن «اجتماعات ستعقد بين العائلة وأفراد هيئة الدفاع خلال الفترة المقبلة لإزالة أي خلافات قد تكون نشبت في الآراء خلال الفترة السابقة». وشدد على أن الفترة المقبلة يجب أن تشهد «مزيداً من التنسيق بين هيئة الدفاع .. سندرس إمكان إضافة عدد من رجال القانون المتخصصين بعد استطلاع آراء هيئة الدفاع عن مصطفى». وكانت هيئة الدفاع عن هشام والسكري استندت إلى دفوع عدة في نقض الحكم من بينها وجود قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ووجود أخطاء من جانب محكمة جنايات القاهرة في إسناد التهم للمتهمين من خلال فهمها لأقوال الشهود على نحو مغاير لمقاصده، وعدم استجابتها لبعض مطالب الدفاع وعدم تفنيدها للتقارير الفنية المقدمة ضدهما، معتبرة أن المحكمة أخلت بحق الدفاع في عدم استجابتها لطلبه انتقال هيئة المحكمة إلى موقع الحادث في دبي لمعاينة موقع الجريمة، إلى جانب أن الحكم شابه عيب في استدلاله بأقوال ضابط الانتربول المصري الذي تولى التحقيق في القضية. وكانت محكمة جنايات القاهرة أمرت في أيار (مايو) العام الماضي بإعدام هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري بعد جلسات محاكمة استغرقت 29 جلسة على مدار 8 أشهر.