عمّق التفجير الانتحاري المزدوج الذي أوقع أكثر من مئة قتيل في أنقرة السبت، الجرح النازف بين حكومة «العدالة والتنمية» والأكراد. واصبحت حكومة أحمد داود أوغلو محاصرة بالاتهامات من جانب المعارضة، ودافعت السلطات عن نفسها، فاتهمت تنظيم «داعش» بتنفيذ الجريمة، لكن المعارضة طالبتها بإقالة وزيرَي العدل والداخلية والخروج من «مستنقع الشرق الأوسط». وتحدى «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي الحكومة، بإعلانه أسماء 120 من 128 قتيلاً في التفجيرين، واتهمها بإخفاء الأرقام الحقيقية للقتلى والجرحى. وكانت الحكومة أعلنت مقتل 95 شخصاً، مشيرة إلى أنها تتحقّق من هويتَي انتحاريَّين نفذا الجريمة. وأعلن الحزب أن الشرطة هاجمت قادة له، بينهم رئيسه صلاح الدين دميرطاش، وأنصاراً له، حاولوا وضع أكاليل من زهور في مكان الهجوم. واتهم دميرطاش الحكومة بالفشل في إحباط «مجزرة في قلب أنقرة»، وزاد: «إننا أمام دولة مجرمة تحوّلت مافيا». وأشار إلى أن حزبه «خسر 128 من ناشطيه خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، في تفجيرات واغتيالات قُيِّدت ضد مجهول»، وتابع: «لا يمكن القول إن الحكومة ليست ضالعة في الأمر». وتحاصر داود أوغلو شكوك وانتقادات واتهامات، بسبب ضآلة المعلومات التي كُشفت عن ظروف الهجوم، وتسريبات بأنه امتداد لتفجير في مدينة سروج المحاذية لسورية أدى إلى مقتل 34 ناشطاً كردياً في تموز (يوليو) الماضي، لم تكشف الحكومة تفاصيله أو نتائج التحقيقات في شأنه، على رغم تبنّي «داعش» تنفيذه. وهناك قناعة بأن الحكومة كان يمكنها ان تحبط هجوم أنقرة، لو أجرت تحقيقاً جدياً حول تفجير سروج. وكان رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليجدارأوغلو الزعيم السياسي الوحيد الذي قبِل لقاء داود أوغلو، لكنه طالبه بإقالة وزيرَي العدل والداخلية وتغيير الحكومة سياستها الخارجية، من أجل الخروج من «مستنقع الشرق الأوسط»، وإجراء تحقيق شفاف في قضايا مرتبطة ب «داعش»، وفي شأن معلومات عن «خلايا نائمة» في تركيا وعلاقتها مع تنظيمات «جهادية». وقال كيليجدارأوغلو: «طالما لم تكشف الحكومة تفاصيل تفجير سروج، وأصرّت على إخفاء الحقائق، من حق الجميع أن يفكروا في أي سيناريو لما حدث، واتهام أي جهة». وكانت حكومة داود أوغلو رفضت طلباً في البرلمان بتشكيل لجنة تقصي حقائق في قضية سروج، ولم ترد على اتهامات أفادت بأن أجهزة الأمن كانت تعلم بمخطط التفجير، لا سيّما تقريراً لدى جهاز الاستخبارات يحمل اسم المنفذ وصورته، بناءً على بلاغات قدّمتها عائلة المنفذ وجيرانه. وقال النائب القومي أوميت أوزداغ، وهو خبير في شؤون الإرهاب، إن لدى حزبه «تقريراً مفصلاً عن الخلايا الإسلامية المتطرفة النائمة في محافظات تركية»، مشيراً إلى أن الحدود مع سورية ما زالت مفتوحة أمام «المسلحين». واعتبر أن أجهزة الأمن والشرطة والاستخبارات فقدت قدرتها على العمل والتنسيق في ما بينها، بسبب الصراع بين الحكومة وجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. وعلّق أوزداغ على توقيف السلطات 50 شخصاً في حملات دهم، يُشتبه بارتباطهم ب «داعش»، متهماً الحكومة بإجراء تحقيقات «شكلية» مع المتهمين بالانتماء إلى التنظيم، والإفراج عنهم بعد ساعات على اعتقالهم.