اعتبر اقتصاديون ومحامون أن «تغليظ» مجلس الوزراء عقوبات الشيكات المرتجعة سيعيد الهيبة والثقة بالشيك التي فقدها خلال الفترات الماضية، وطالبوا بأن يطبق القرار من خلال القضاء وليس من خلال لجان خارجية ليست مطلعة على النظم القضائية، ولا تملك صلاحيات تنفيذ العقوبات القضائية. وأكد الخبير الاقتصادي عضو مجلس الشورى السابق الدكتور عبدالعزيز داغستاني، أن قرار مجلس الوزراء بخصوص معالجة ظاهرة انتشار الشيكات المرتجعة سيعيد للشيك هيبته المفقودة، بعد أن فقد الكثير من المتعاملين في السوق الثقة به، نتيجة التراخي في تطبيق العقوبات على المخالفين في تقديم الشيكات من دون رصيد. وقال ل«الحياة» إن هذا القرار سيعيد الفاعلية إلى السوق، مشيراً إلى أن «عدم الثقة بالشيك في السابق تسبب في مشكلات كبرى في مجال الأعمال، وبخاصة مع انفتاح السوق السعودية على الاستثمار الخارجي»، معتبراً أن الشيكات هي الوسيلة الأكثر تداولاً في مجال الأعمال، والغرف التجارية تعلن عن بلايين الريالات الموجودة من دون رصيد، وعليها الكثير من القضايا، وهذا معيب في حق أكبر اقتصاد في المنطقة. ولفت داغستاني إلى ضرورة التطبيق الفوري للقرار بمعاقبة المستغلين للشيكات من دون رصيد، وتنفيذ العقوبات من دون النظر إلى الوضع الاجتماعي للمخالف حتى يكون عبرة لغيره، لافتاً إلى أن تكوين اللجان يذيب العمل ويفرق الجهود ويوجد المنافذ لكل من يريد التلاعب بالنظام، كما أن التشهير أصبح من الواجبات التي يجب تنفيذها على كل مخالف ومنهم المخالفون في الشيكات المرتجعة. من ناحيته، وصف عضو هيئة حقوق الإنسان نائب رئيس اللجنة الوطنية للمحامين هادي بن علي اليامي ما صدر عن مجلس الوزراء بأنه خطوة مهمة لإعادة الثقة بالشيكات. واعتبر أن «تكليف هيئة التحقيق والادعاء العام بتولي إقامة الدعوى في الحق العام أمام الجهات المختصة بالفصل في تلك الجرائم كأي جريمة أخرى، خطوة مهمة لتعزيز ثقة الناس بالشيكات كأدوات ائتمان، بدلاً من مهمتها الأساسية وهي أداة وفاء مالية، وأعتقد أنه لتحقيق الأهداف المرجوة من تلك الإجراءات يتعيّن بدء مباشرة المحاكم التجارية مهام عملها». وأشار إلى أنه تم إعداد مذكرة أرسلت منها نسخة إلى مجلس الشورى ووزارة التجارة، أوصت بإحالة قضايا الشيكات لهيئة التحقيق لدى دائرة الأموال، باعتبار أن جرائم إصدار شيكات من دون رصيد لها تأثير كبير في الاقتصاد الوطني، وذلك أسوة بالدول العربية المجاورة التي تُخضع قضايا الشيكات للنيابة العامة، وهي التوصية التي سيعمل بها وفقاً لقرار مجلس الوزراء. ولفت اليامي إلى أن التوصيات شملت أخذ التعهد على صاحب الشأن قبل قيد أي مؤسسة أو شركة أو مشروع بالسجل التجاري، بأنه في حالة إصدار الحكم على صاحب السجل في جريمة شيك من دون رصيد فإنه سيسحب سجله التجاري، كما تمت التوصية بالتوسّع في عقوبة التشهير في قضاء الشيكات وتطبيق عقوبة العود المنصوص عليها في النظام. كا شملت التوصيات سحب دفتر شيكات المحكوم ضده في جريمة إصدار شيك من دون رصيد، وعدم إصدار دفاتر له نهائياً أو لفترة معينة، وعدم منح المحكوم ضده في جريمة إصدار شيك من دون رصيد تأشيرات استقدام عمالة من الخارج أو نقل الكفالة منه أو عليه، والحجز على أي أملاك للمحكوم ضده وكذلك أرصدته بالبنوك وأسهمه لدى الشركات، والتحفظ على محاله التجارية في حال مماطلته في السداد، ومنع المحكوم ضده من السفر للخارج لحين إبراء ذمته بالسداد. أما المحامي عبدالعزيز الحوشاني فأوضح أن هذا القرار سيسهم في الحد من الشيكات المرتجعة، لافتاً إلى أن قضايا الشيكات ينبغي أن تكون تجارية وبالتالي تحوّل للمحاكم التجارية، إلا أن إصدار بعض العقوبات من لجان الفصل في الأوراق المالية يسلب الحرية الشخصية، ويتعارض مع النظام السياسي للحكم الذي يكون من خلال تعيين القضاة بأمر ملكي، في حين أن أعضاء اللجنة يتكونون من موظفين حكوميين وتابعين للجهات الحكومية، والبعض الآخر لا يتبع للجهات القضائية وبالتالي لا يملكون الحصانة. وكان مجلس الوزراء وافق على قرار لمعالجة ظاهرة انتشار الشيكات المرتجعة لعدم وجود رصيد كاف لها، وأقر عدداً من الإجراءات لمعالجة ذلك، منها تولي هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق في جرائم الشيكات، ورفع الدعوى العامة أمام الجهة المختصة بالفصل في تلك الجرائم كأي جريمة أخرى، وذلك وفقاً لنظامها ونظام الإجراءات الجزائية.