بات مألوفاً لدى سكان الأحياء الشعبية في بغداد، سماع طرقات سريعة على باب الدار، يظهر بعدها لمن يفتح الباب من العائلة طفل أو شاب يحمل بطاقات صغيرة كُتب عليها اسم أحد المرشحين، يدفع باثنين منها الى المتذمر الذي فتح الباب، موصياً اياه بانتخاب صاحبها، ثم يهرول الى منزل آخر. ووصل الأمر بالمرشحين الذين جربوا كل وسائل الإعلان، إلى طرق الأبواب للترويج لأنفسهم، إضافة الى تعليق ملصقاتهم الدعائية على جدران منازلهم ومحلاتهم التجارية. ويتذمر «علي الفلاوي» من طارقي الباب في كل الأوقات. ويقول: «كل دقيقة يطرق الباب لتوزيع بطاقات مرشحين حتى انني بعدما خسرت قيلولتي، بت أمزقها أمام باب الدار ليعرف الآخرون (بعد اهتمامي) ولا يطرقونه. ومع ذلك، ما زال الطرق مستمراً». ويقول «أبو أسعد»، أحد أصحاب أفران الكاظمية إنه «أقدم على تعليق صورة قريبه المرشح للانتخابات النيابية على مدخل الفرن بعد إلحاح والده الذي يدعم ترشيح ذلك القريب». ويضيف: «بالنسبة إلي سأختار شخصاً آخر في يوم الاقتراع لكنني أُعلق صورة قريبي نزولاً عند رغبة والدي وأشقائي لأنهم وعدوا بانتخابه». ولم تكتفِ عائلة «أبو أسعد» بتعليق صور قريبهم المرشح على الفرن، بل علقوها أيضاً على منزلهم، وفوق أعمدة الكهرباء الممتدة وسط الشارع. كما وزعوا الصور الصغيرة على الجيران وبعض المعارف في الحي. وعند أحد الأزقة الضيقة في «مدينة الحرية» غرب بغداد، وضع أحد أصحاب محلات المواد الغذائية صورة مرشح وكتب تحتها عبارة: «انتخب صاحب الصورة واحصل على خمسة كيلوات سكر مجاناً». وعلى رغم أن هذه العملية تظهر مخالفة واضحة لقوانين مفوضية الانتخابات وتكشف شراء بعض المرشحين الأصوات. إلا أن صاحب المحل يقول إنه من اقترح الأمر على المرشح، وأن الأخير وعده بتسديد ثمن السكر من أول معاش يقبضه من مجلس النواب بعد الفوز. وعن مدى ضمان فوز القريب، يقول: «ضمنت له أكثر من 1500 صوت وهناك أقرباء آخرون يتحركون في مناطق أخرى لدعمه وضمان الفوز». ويعترف كثيرون من مرتادي المحل ممن حصلوا على السكر مجاناً بأنهم قد لا يفون بوعودهم لأنهم وعدوا كثيرين قبله وسيمنحون أصواتهم لمن يثقون بهم حقاً، وليس لمن يدفع. ويقول أسعد ناظم، وهو صاحب سيارة أجرة، إن هناك كثيرين ممن أخذوا على عاتقهم الترويج لأقاربهم المرشحين في مقابل وعود وردية بالتعيين أو قضاء بعض أمورهم عند الوصول إلى مجلس النواب. كما يُقدم آخرون على دفع بعض المبالغ لأقاربهم لضمان ترويجهم لهم في شكل أفضل. ويضيف: «وعدت أكثر من سبعة مرشحين بانتخابهم، لكنني في النهاية لن أنتخب سوى القائمة التي اخترتها مسبقاً، ولن تؤثر الهبات التي حصلت عليها من بعضهم في قراري». ولا يعتمد تحرك المرشحين على أقاربهم في الأحياء الشعبية فحسب، بل انتقل إلى بعض القرى والأقضية البعيدة التي تسكنها عشيرتهم لضمان أصواتهم في الانتخابات، ورفع بعض العشائر التي تسكن على طول الطرق الخارجية المرتبطة بمدينة بغداد، صور المرشحين، وكتبت قبل اسم المرشح «انتخب ابننا البار». ويراهن مرشحون كثيرون من غير المعروفين في الوسط السياسي على تحركات الأقارب والعشائر التي ينتمون اليها في كسب التأييد في شكل أكبر من الوجوه السياسية المعروفة التي سلكت هي الأخرى طرقاً خاصة لكسب أصوات الناخبين.