يا أمير الجملة المباشرة والقصيرة. قرأت مقالاً لكاتب في دولة قطر، يقول إن الإعلام المصري تردى إلى الحد الذي اصبحت فيه قناة «الجزيرة» بديلاً منه، وتؤدي الدور نفسه الذي كان يقوم به. ثم يتساءل الكاتب المشهور عن سرّ غضب المصريين «من تغطية الجزيرة» للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإغلاق الحدود ومنع وصول الإغاثة الإنسانية إلى المدنيين بما في ذلك المعونات القطرية. هكذا استبدل الكاتب القطري الذي هو ادنى بالذي هو خير. نسي ان مصر غضت الطرف عن عشرات الأنفاق التي قامت الحرب من اجل اغلاقها، واعتبر ان «سيئات الدعاية» يذهبن بالشجاعة والدماء الطاهرة. يا أمير الجملة الصحافية، القصة ليست مزحة. الإعلام المصري، اليوم، لم يعد كما تركته يا مصطفى الصحافة العربية. ذهب اهل الدثور بالأخبار وسطوة الكلمة والتأثير. اصبح المصريون للبيع على قنوات التلفزيون واعمدة الصحف. غاب الإعلام المصري عن الساحة التي تركتها مشتعلة بحسّك، وبقية جيلك المتميز. حتى صاحبك وصديقك محمد حسنين هيكل صار شاهدا على عصر هذا الضعف. انضم هيكل طواعية الى حفلة تهميش مصر. تمسك بماضيها على حساب حاضرها. تمرد صاحب «بصراحة» على «نظرية الاطراف» التي روج لها. هو اليوم يعمل عند احد «الاطراف». ورمزية موقع هيكل الراهنة تختصر لك ولنا قصة «الإعلام المصري مرّ من هنا». ستسألني الآن وبطريقتك اللطيفة: «مرّ من هنا؟ هو راح فين؟ مش كبيره دي حبتين. هو فيه ايه، ايه اللي بيحصل ده؟». اللي يحصل ده يا باشا هو ان الإعلام المصري تراجع، او غاب. ازعجتك هذه العبارة. اعرف. لكنه غاب. الشكوى لله. انصرف عن المسرح، على طريقة هيكل، وجلس في الصف الأخير مع المتفرجين. ولو قدر لك ان تزور القاهرة اليوم ستجد ان عدد الصحف الصادرة يفوق الكتب القديمة المعروضة على سور الأزبيكة ايام زمان. مصر تعيش طفرة في «الروبابكيا» الصحفية يا مولانا. لكن لا تأثير لها، ولا انتشار. ناهيك ان بعضها يكتب بلغة لا تليق باللغة. اما القنوات الفضائية فعدّد ولا حرج. حتى كتاب الفيزياء في الثانوية العامة صار له قناة فضائية مصرية. كثرة لم تغلب الشجاعة، ولا هي اسعفت الضعف. ازمة ولا مصطفى أمين لها. غدا نقرأ بقية الرسالة.