تشتد وتيرة التجاذبات السياسية في العراق قبل خمسة أيام من انتخابات، يرى الجميع انها «مصيرية»، ويصفها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي انتقل من الأردن إلى سورية أمس، بأنها «ساعة التغيير»، داعياً العراقيين الى «زحف تاريخي نحو صناديق الاقتراع». إلى ذلك، جددت المرجعية الشيعية في النجف موقفها الحيادي من الانتخابات ونفى المرجع آية الله محمد اسحق الفياض أنباء عن انتقاده نائب رئيس الجمهورية. ووصل الهاشمي الى دمشق أمس، قادماً من الأردن، حاملاً رسالة من الحكومة العراقية الى الرئيس السوري بشار الأسد، على ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وقال في تصريح صحافي انه سيبحث خلال وجوده «في بلدي الثاني سورية العديد من القضايا وسبل تجاوز الخلافات القائمة بين البلدين»، التي وصفها بأنها «خلافات بين العائلة الواحدة لأن ما يجمع بين البلدين هو أكثر بكثير مما يفرقهما». وأوضح الهاشمي انه سيلتقي خلال زيارته أبناء الجالية العراقية «لمناقشة الانتخابات النيابية من اجل إنصافهم وتمثيلهم تمثيلاً مناسباً في مجلس النواب المقبل». وكان الهاشمي قال في كلمة أمام ثلاثة آلاف عراقي خلال لقاء في عمان: «دقت ساعة التغيير»، ودعا العراقيين الى «زحف تاريخي نحو صناديق الاقتراع» الأحد المقبل «لإحداث هذا التغيير». وأضاف: «يجب ان نترجم غضبنا وألمنا وإحباطنا الى موقف تاريخي، هذه المرة نريد عراقاً بلا ظلم بلا جور وبلا جهل، بلا أمية، بلا فساد». وأوضح: «لقد توافرت للعراق 300 بليون دولار وألغيت ديون خارجية، ودعم دولي ليس له مثيل، ودعم داخلي. لكن بعد أربع سنوات وبعد توافر كل مستلزمات النجاح تلك، نجد أن العراق بلد بائس حزين فقير تعبث الدول بأمنه وسيادته». وكان مستشار الأمن الوطني العراقي صفاء حسين صرّح لوكالة الأنباء الفرنسية بأن «أوقاتاً صعبة» قد يستغلها تنظيم «القاعدة» في حال حصول فراغ أمني اذا استغرق تشكيل الحكومة الجديدة فترة طويلة بعد الانتخابات. واعتبر الإسراع في تشكيل الحكومة المقبلة في نطاق الأولويات الأمنية وقال: «اذا استغرقت وقتاً طويلاً، سنواجه بعض الصعوبات»، معتبراً ان شهراً واحداً يعتبر «فترة قصيرة» لكنه لمح الى ان تشكيل الحكومة قد يستغرق شهوراً. وتأتي هذه التصريحات في غياب الموقف السياسي للأطراف المشاركة في الانتخابات حول طبيعة تحالفاتها وعدم تصورها للخريطة التي ستتمخض عنها الانتخابات، على رغم ان رئيس الوزراء نوري المالكي لمح في تصريحات نقلها «المركز الوطني للإعلام» الأحد إلى استعداده للتحالف مع غريمه الشيعي «الائتلاف الوطني العراقي» والأكراد لتشكيل حكومة قال انها ستكون «حكومة غالبية سياسية». ويسعى علاوي، منافس المالكي الأساسي على رئاسة الحكومة الى اتفاق مع الأكراد الذين لم يضعوا «فيتو» على تحالفهم مع المالكي، على ما أعلن القيادي الكردي سعدي البرزنجي، لكنهم عرضوا شروطاً لعقد أي تحالف مقبل أهمها تطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها وكركوك. على صعيد آخر، نقل بيان عن المرجع الفياض «تقديره الأداء السياسي للهاشمي»، موكداً أنه تسلم توضيحاً من مكتب نائب رئيس الجمهورية يتعلق بالمعتقلين وانه «يتفهم الموضوع وارتباطه بالحوادث السياسية مع الجانب الإيراني ومدى استجابته لمبدأ المعاملة بالمثل للإفراج عن المعتقلين العراقيين في إيران». وأكد الفياض أن التصريحات التي تداولها بعض وسائل الإعلام (ينتقد فيها الهاشمي) لم تصدر منه وهي «غير صحيحة» وقال ان «أي ورقة لا تكون مختومة بختم المكتب ليست صادرة منا». وكانت وسائل إعلام نقلت عن الفياض انتقاده موقف الهاشمي من إطلاق معتقلين ايرانيين دخلوا العراق بطريقة غير مشروعة. وأصدر الفياض بياناً حول موقفه من الانتخابات أكد فيه حياده وقال «نحن لا ندعم أي قائمة في الانتخابات المقبلة، ولا نؤيد أي طرف، ولكن نؤكد أن على الشعب العراقي الكريم بأطيافه وشرائحه الاهتمام بهذه الانتخابات، ونأمل ألا يكون الاستياء من الكتل السياسية في الفترة السابقة وعدم تقديم الخدمات الأولية سبباً لعدم المشاركة لأن ذلك أمر خطير جداً ينبغي على الجميع الانتباه إلى عواقبه الوخيمة».