أوقع الهجوم الذي أدى الى مقتل مستوطنَيْن قرب مستوطنة «إيتمار» أول من أمس، آلة الدعاية الإسرائيلية في حرجٍ كبير، ولم تتمكّن من استثمار تفاصيل الهجوم في استمالة الرأي العام العالمي، واتهام الفلسطينيين بأنهم قتلوا أطفالاً، خصوصاً أن المهاجم تعمّد عدم قتل الأطفال الأربعة الموجودين داخل السيارة. ووفق ما أفادت وسائل الإعلام العبرية، فإن الاستنتاجات الأولية تظهر أن ثلاثة أشخاص نفذوا الهجوم، أحدهم سائق السيارة، فيما أطلق آخران 50 رصاصة صوب مركبة المستوطنين، والمؤكد أن أحدهم أطلق النار من بندقية «كلاشنيكوف» الروسية الصنع. وقبل إطلاق النار، تتبعت سيارة المهاجمين سيارة المستوطنين لأكثر من عشرة كيلومترات، وعندما وصلت سيارة المستوطنين إلى منعطف وخفّضت سرعتها، أطلق المهاجمان النار صوب سائق السيارة، فأصيب فوراً وتوقفت السيارة بعد ارتطامها، ونزل المهاجمان من سيارتهما وفتحا أبواب سيارة المستوطنين وشاهدا الأطفال، وتأكداً من مقتل البالغين، ثم لاذا بالفرار. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن منفذَيْ الجهوم محترفان، ونفذا الهجوم برباطة جأش ولم ينفعلا مطلقاً في البداية، ووجّها وابلاً من الرصاص من بندقيتين نحو السائق لإيقاف السيارة، ثم نزلا ونفذا عملية تأكيد القتل بإطلاق النار على رأس السائق ومن يجلس بجواره، مع الامتناع عن قتل الأطفال. وطبقاً لضابط في الاستخبارات الإسرائيلية مشارك في التحقيق بالهجوم، فإن المنفذين مجموعة تتقن استخدام بندقية «كلاشنيكوف» الآلية التي يتطلب إتقان إطلاق النار بواسطتها تدريباً جدياً. وأضاف للإذاعة أن «الهجوم ليس عملاً ناجماً عن الأجواء المتوترة، بل إن منفّذي الهجوم خلية مدربة ومسلّحة جمعت معلومات عن هدف، وكانت فقط تنتظر أجواء متوترة لتنفيذ الهجوم». ولم يستبعد الضابط أن تكون الخلية المهاجمة تابعة لحركة «حماس» أو حركة «الجهاد الإسلامي» أو ما وصفها بعناصر غاضبة من حركة «فتح»، لكنه شدد على أن لدى الخلية المهاجمة خبرات سابقة، وربما يكون من بين أعضائها أسرى محررون استخلصوا العبر من أخطاء خلايا أخرى أدت الى فشل مثل هذه الهجمات. وتوقع أن تبادر الخلية لتنفيذ هجمات أخرى خلال الفترة المقبلة، على رغم الاستنفار في الشوارع الالتفافية، لأنها تدرك أن عمرها الافتراضي بدأ بالنفاد بعد تنفيذها الهجوم الأول. وأشار المحلل العسكري الإسرائيلي شبتناي بنتد، إلى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية (شاباك) عاجزٌ حتى الآن عن الإجابة عن تساؤلٍ مركزي عن الهجوم، يتعلّق بتعمّد المهاجمين عدم قتل الأطفال واستغلال حادثة مقتل الطفل دوابشة. وقال المحلل العسكري في القناة الثانية الإسرائيلية روني دانييل، أن منفذي عملية «إيتمار» رفضوا قتل الأطفال وتركوهم بسلام، مضيفاً: «كأنهم يبعثون برسالة لنا: نحن لسنا حيوانات مثلكم، ونحن لا نقتل الأطفال مثلما فعلتم في دوما مع عائلة دوابشة». في غضون ذلك، أفاد ناشطون ومتابعون بأن المستوطنة التي قُتلت، هي نفسها التي ظهرت في مقطع فيديو وهي تسبّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عند أبواب المسجد الأقصى المبارك في القدسالمحتلة.