بلغت قيمة قروض القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي العربي 222 بليون دولار في 2008، وارتفعت بوتيرة 1.9 في المئة (على أساس سنوي) حتى آب (أغسطس) الماضي، قبل أن يتحسن نموها في الفصل الثاني من 2009. وبلغت قيمة أصول المصارف الخليجية 700 بليون دولار. وخسرت المصارف الخليجية المرتبطة بأزمة الرهن العقاري 2.88 بليون دولار العام الماضي. وأكدت مؤسسة بحوث عالمية أن أزمة المال العالمية، أعطت هذه المصارف «قوة الدفع» اللازمة لإنجاز خطوة كبيرة على طريق التطور واكتساب الخبرة، من خلال التفكير بالامتياز التشغيلي في ضوء الوضع الحالي للقروض المتعثرة وتدهور نوعية الأصول. وأشارت مؤسسة «ايه تي كيرني» العالمية، إلى أن النتائج المالية الأخيرة للمصارف الخليجية تكشف توجهاً عاماً إيجابياً، على رغم أن عدداً قليلاً جداً منها شهد نمواً طبيعياً للإيرادات خلال العام الماضي. واستمرت هذه المصارف تستثمر في النمو المستقبلي، في وقت ساعدت إجراءات الحكومات والمصارف المركزية والمصارف، في تخفيف إثر الأزمة الاقتصادية العالمية، وضمنت عودة المصارف الخليجية إلى الربحية في شكل أسرع من نظيراتها الغربية. وقدرت مصادر مصرفية حجم أصول المصارف الخليجية بنحو 700 بليون دولار. ورجحت أن تكون عوامل الاقتصاد الكلي التي أسهمت في النمو الكبير للقطاع على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة لا تزال «صحيحة وسارية». فعلى مدى هذه الأعوام، نمت الأصول المصرفية في المنطقة ضعف نمو الناتج المحلي، نتيجةً ل «الاقتصاد المتعطش للائتمان والمستويات المنخفضة من الاختراق المصرفي» بسبب أزمة الرهن العقاري الأساس في أزمة المال العالمية. وأشارت «ايه تي كيرني»، إلى أن المصارف في المنطقة حققت خلال الأعوام القليلة الماضية، ربحية أعلى بكثير من نظيراتها الغربية، جراء المستويات المنخفضة نسبياً للمنافسة والتكاليف. وعلى رغم محدودية «الانكشاف» المباشر لدول المنطقة على الأزمة العالمية، فإن تقارير وبيانات اقتصادية، تظهر أن مصارف المنطقة لم تعانِ من مشكلات في الملاءة المالية، لكن التطورات اللاحقة عرّضتها لأزمة سيولة، انعكست سلباً على تمويل المشاريع التنموية، فضلاً عن سحب مستثمرين مبالغ كبيرة من أسواق المال. وقدر اتحاد المصارف العربية حجم خسائر المصارف الخليجية المرتبطة بأزمة الرهن العقاري العالي الأخطار، بنحو 2.88 بليون دولار، أدت إلى خفض التصنيف الدولي لها. وراجعت وكالات التصنيف الثلاث، «ستاندرد أند بورز» و «موديز» وفيتش» تصنيف 27 مصرفاً خليجياً. وتعد دول مجلس التعاون أكثر الدول العربية اقتراضاً من المصارف الدولية، وبلغ رصيد قروضها نحو 222 بليون دولار في 2008. وتُظهر البيانات المتاحة للشهرين الأوّلين من 2009، أن القروض الممنوحة إلى القطاع الخاص في دول الخليج شهدت تباطؤاً ملحوظاً. فبعد نموها بواقع 34 في المئة في 2008، تراجع معدل نمو الائتمان الممنوح إلى القطاع الخاص في شكل حاد، ليصل في عام 2009 إلى نحو 1.9 في المئة من مستواه نهاية 2008. لكن البيانات الشهرية تشير إلى أن القروض بدأت تشهد بعض التعافي خلال النصف الثاني من العام الماضي. وأكد مدير في قسم المؤسسات المالية في «أيه تي كيرني الشرق الأوسط» سيريل غاربوا، أن العوامل الإيجابية لمصارف المنطقة، لا تزال مواتية وستستمر تساعد القطاع المصرفي ككل حتى بعد الأزمة، لكن ليس من الصواب التظاهر بأن كل الأعمال عادت إلى طبيعتها. وأشار إلى أن القطاع المصرفي الخليجي يواجه تحديات كبيرة، أهمها أن تباطؤ النمو في المستقبل، وتراجع جودة الأصول، وتغير الوضع التنافسي ، وازدياد القيود التنظيمية. ونصح المصارف في المنطقة بأن تتكيف مع ظروف السوق الجديدة، من خلال إعادة تقويم توجهها الإستراتيجي وإعادة الانسجام والتوافق من ضمن نماذجها التشغيلية. وتوجد خمسة مجالات رئيسة تحتاج المصارف الخليجية إلى أن تعالجها من ضمن سلسلة القيم لديها، من ضمنها مجموعة منتجات وأصول أكثر تركيزاً وخدمات زبائن أفضل وإدارة أخطار محسنة. ويمكن للأزمة الاقتصادية، أن تسفر في أي مؤسسة، عن ازدهار ملموس في القطاع المصرفي الخليجي، الذي «ينبغي أن يشكل فرصة ليراجع جميع اللاعبين عملياتهم».