استطاع فريق علمي أميركي التوصل الى زراعة خلايا المنشأ في العين، بهدف تخفيف سرعة تضرّر الشبكية Retina، وهي مساحة من الأعصاب تستقبل الضوء وترسله إلى الدماغ، ما قد يساهم في إيجاد حل لما يعتبر السبّب الأكثر إنتشاراً للعمي عالمياً. وفي تجربة رائدة، زرع هذا الفريق أنّ خلايا منشأ قرب شبكيّة العين كي تتحوّل لاحقاً الى خلايا عصبيّة, ماساهم في إيقاف تدهور حال تلك الشبكية، وتالياً تحسّن قدرة العين على الابصار. وأوضح راي لَند الباحث في "معهد كايسي للعيون" في "جامعة أوريغن" في بورتلاند، أن تلك التجارب أُجريت على فئران عانت من تدهوراً في حال الشبكية لديها، وساهمت زراعة خلايا المنشأ في تخفيف حدّة تدهورها. وقُدِّمَت النتائج التي توصّل إليها الفريق في اجتماع متخصّص استضافته شيكاغو أخيراً. وقال لَند إنّ الآليّة التي عملت فيها خلايا المنشأ ليست واضحة، لكنه يظنّ أن تلك الخلايا حفزت نمو عناصر تحمي أعصاب الشبكية من تأثيرات المرض. وفي تصريحات صحافية، أوضح لند أنّ هذه العمليّة تشبه زراعة مضخّة كيمياوية في المكان الصحيح كي تنتج مواداً تفيد العين. وشرح أنّه في حين تفقد الحيوانات المصابة بمرض في العين أبصارها في عمر ثلاثة أشهر، لم تفقد الجرذان التي زرعت في أعينها خلايا منشأ، بصرها إلا بعد ضعف تلك المدة على الأقلّ. وأضاف: "ما من إثبات أنّها (أيّ الخلايا المزروعة) لا تُحدث أيّ ضرر, ولا أنها قد لا تتحوّل الى أورام، ما يشكّل قلقاً فعليّاً أساسيّاً في مسألة زراعة خلايا المنشأ". وتزيد هذه النتائج الأمل باستخداما تلك الخلايا علاجاً لدى البشر المصابين بأمراض تؤذي الشبكيّة، منها النوع الذي عولِج في هذه التجربة، مع ملاحظة أن عدد المصابين به عالمياً يقارب 30 مليون شخص. وقام الباحثون بزرع خلايا منشأ لدى الجرذان في منطقة قريبة من شبكيّة العين. وأعرب لند عن تفاؤله بإمكان تطبيق الطريقة نفسها على البشر. وأوضح دكتور ستيفان هاهن، رئيس برنامج البحوث المتعلّقة بالجهاز العصبي المركزي في شركة "ستامسلز" التي تعمل في صناعة خلايا المنشأ وموّلت فريق البحث، أنّ التجربة أثبتت مجدداً قدرة خلايا المنشأ على التحوّل إلى أنواع مختلفة من الخلايا العصبيّة. وفي تجارب سابقة، اختبرت الشركة هذا العلاج في دراسة أجرِيَت على 6 مرضى مصابين بخلل وراثي في الأعصاب. وفي تصريح صحافي، قال هاهن: "إنّ عمليّة زراعة خلايا قد تدخل قريباً ضمن الاختبارات العياديّة (السريرية)، بعد أن تقبّلها الدماغ بكميّات كبيرة...هذا الأمر يعطينا الثقة بإمكان تطبيق العمليّة نفسها في العين". ويظنّ هاهن أنّه من الممكن جعل خلايا المنشأ تنمو بطريقة تتناسب مع استخدامها في الشبكيّة والدماغ والنخاع الشوكي، موضحاً انها تمثّل الأمل النهائي في شفاء البشر المُصابين بالنوع نفسه من المرض الذي عولج في التجربة على الفئران. وأضاف هاهن أنّ معالجة هذا النوع من المرض تجري راهناً عبر تناول أدوية حديثة مثل "لوسنتيس" Lucentis (تنتجه شركتا "نوفارتيس" Novartis و"جينتك" التابعة ل"روش" Roche) و"ماكوجين" Macugen من إنتاج شركة "بفايزر" Pfizer.