«أنا المحبوبة السمراء. وأسقى بالفناجين. وعود الهند لي عطر. وذكري شاع في الصين»، إذا كان هذا هو لسان حال القهوة، فإن ذكر هذه السمراء على ما يبدو شاع في كل بقاع الأرض، الذي يقدم اليوم أكثر من 85 طريقة لإعدادها، فيما قرر العالم الاحتفاء برائحتها، وتخصيص يوم عالمي ل«القهوة» يصادف 29 أيلول (سبتمبر) كل عام. وعلى رغم أن أصل القهوة يعود إلى اليمن، وتم اكتشافها في القرن الخامس الميلادي، إلا أنه تقرر الاحتفال بالقهوة، للمرة الأولى في تاريخها، على يد جمعية القهوة في اليابان العام 1983، وسجل في الولاياتالمتحدة العام 2005، بمسمى «اليوم الوطني للقهوة». وتتنوع عالمياً أنواعها من القهوة السوداء، والأميركية، واليمنية، والبيضاء، والتركية، والإسبرسو، والكابتشينو، والموكا، والأرلندية، وقهوة فيينا، والقهوة المستحدثة أخيراً التي تُعرف ب«المثلجة». ولا تكاد تخلو طاولة مطعم، أو مقهى من هذا الكوب الممتلئ بالقهوة الرفيقة للطالب، والداعمة للعامل، والحاضرة في الأفراح، والمشاركة في الحزن. وتختلف الأقوال والروايات عن بداية القهوة، وتتأرجح بين دولتين فهناك من يقول إنها بدأت من إثيوبيا، وأقوال أخرى بأنها من اليمن، وبدأت رحلتها التاريخية بعد قصة طريفة لراعي أغنام، لاحظ أن أغنامه لا تنام في الليل مع حركة ونشاط مستمرين، حتى اكتشف ما تأكله الأغنام من أوراق شجر البن، ومن ثم كانت وجهتها إلى الحجاز شمالاً، وأصبحت من تقاليد الشعوب التي عاشت هناك واستمر ترحالها إلى مصر، إذ كانت أكبر تجمع سكاني في تلك الفترة، ثم انتقلت إلى إسطنبول، ولاحقاً إلى دمشق. وسافرت من تركيا إلى لندن في عام 1652، وسرعان ما باتت مشروباً يتعاطاه غالبية الناس في كل بقاع الأرض. وعلى مر الثقافات والأجيال كانت القهوة حاضرة في الشعر والكتب الأدبية والأشعار ورسائل الحب. وذكر الزبيدي في «تاج العروس» عدداً من الفوائد الطبية للبن. وأوضح أن البن شاع اسمه بالقهوة، إذا حمص وطبخ طويلاً، إذ يُلقى على النار قليلاً وهو جاف، ثم يدق ويغلي بالماء. وألف الزبيدي كتاباً اسمه «تحفة الزمن في حكم قهوة اليمن»، جمع فيه أقوال أهل اليمن في القهوة وخواصها، وقال: «إن القهوة سميت بهذا الاسم لأنها تشبع شاربها، وتفعل في النفس فعل النشوة والنشاط، وتمثل مصدر الأنس والسعادة لدى العربي، لذا حرصوا أن تُدار دائماً في منازلهم». وأوجدت أكثر من 85 طريقة لإعداد القهوة منتشرة عالمياً، تأتي الطريقة العربية للقهوة كإحدى أشهر الطرق في ارتباطها ارتباطاً وثيقاً بما ترمز له من معانٍ عميقة تجاه إكرام الضيوف، إذ كانت مشروب «الأجاويد» ومفتاح السلام، والبدء في الكلام وتلعب دوراً اجتماعياً مهماً في حل مشكلاتهم. وتعبر عن الفرح والحزن أيضاً، إذ كان يعبر عن الحزن بموت شيخ القبيلة قديماً بأن تكبّ القهوة، وتنكس الدلّة، دلالة على الحداد، ولها معانٍ أخرى تبدأ من «فنجان الهيف»، ليطمئن بأن القهوة جيدة، ويأتي بعده «فنجان الضيف»، الذي يعبر عن العيش والملح بينهم، ويليه «فنجان الكيف» تمثلاً بشعور النشوة والسعادة. ويأتي أخيراً «فنجان السيف»، الذي يعني القوة والمنعة.