انهى الرئيس اللبناني ميشال سليمان زيارة تاريخية لموسكو استمرت ثلاثة ايام تلقى خلالها دعماً روسياً في مختلف المجالات، ولم يستبعد سليمان أن يتسلم الجيش اللبناني طرازاً آخر من الطائرات المقاتلة أو طائرات عمودية بدلاً من 10 طائرات من طراز «ميغ - 29» تنوي روسيا إهداءها للجيش اللبناني. وتخلل اليوم الثالث لقاء مع رئيس مجلس الدوما بوريس غريسلوف. ونوه سليمان بأهمية «إرساء علاقات مستقرة ومستدامة مع روسيا نظراً الى الدور الذي يمكن ان تلعبه في مسألة الحل السلمي في الشرق الأوسط، خصوصاً ان لبنان عضو غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2010 - 2011. وأشاد بالمساعدات والهبات التي قدمتها روسيا للجيش اللبناني «وأهمها الاستعداد لتقديم 10 طائرات من طراز «ميغ 29» كهبة لسلاح الجو اللبناني، ما ساهم في ضرورة توقيع اتفاق تعاون عسكري يرتكز على تزويد الجيش بالعتاد وتدريب العسكريين والضباط». ومنح «المعهد الوطني للعلاقات الدولية» في موسكو الرئيس سليمان شهادة دكتوراه فخرية، ونوه رئيس المعهد أناتولي توركونوف بالرئيس اللبناني «الشخصية الأساسية البارزة في لبنان الذي وصل الى سدة الرئاسة من قيادة الجيش اللبناني في فترة اتسمت بصعوبات بالغة في تاريخ لبنان». ولفت الى أن بلاده «كانت من الدول الأولى التي اعترفت باستقلال لبنان وسيادته، وأن الكثير من المواطنين الروس أصبحوا لبنانيين، والثقافة الروسية منتشرة على نطاق واسع في لبنان». وأعلن منح سليمان الدكتوراه الفخرية «لمساهمته الفاعلة في تدعيم أسس السلام وتوطيد أوجه التعاون الدولي وعلاقات الصداقة بين الأمم»، فيما منح الرئيس سليمان رئيس الجامعة درع الرئاسة. وألقى سليمان محاضرة تناول فيها دور لبنان التاريخي والحضاري وعلاقاته الدولية مستعرضاً الأسس التي قامت عليها هذه العلاقات بشكل عام ومع روسيا في شكل خاص، لافتاً الى انه «وجد دوماً في روسيا المناصر القويّ والداعم الحازم في مواجهة المحن التي واجهته». وإذ أشار الى ان «لبنان تمكّن بفضل تضامن شعبه ومقاومته وجيشه من تحرير معظم أراضيه المحتلة عام 2000»، قال انه «يسعى اليوم الى فرض تنفيذ القرار 1701 بجميع مندرجاته، واسترجاع ما تبقّى له من أراضٍ محتلّة في الجزء الشمالي من قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بكل الطرق المتاحة والمشروعة، وذلك بالتزامن مع سعيه الى التوافق على استراتيجيّة وطنيّة دفاعيّة شاملة». وشدد سليمان على الحاجة الى «تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط ككلّ»، قائلاً: «ان عناصر هذا الحلّ متوافرة بحدّ ذاتها في قرارات الشرعيّة الدوليّة ذات الصلة، ومرجعيّة مؤتمر مدريد وضماناته، والمبادرة العربيّة للسلام التي اعتمدت في بيروت». ونبه الى ان ذلك لن يحصل «إذا لم تتوافر لدى إسرائيل إرادة سياسيّة فعليّة بالتزام خيار السلام، الذي اعتبره العرب في بيروت خياراً استراتيجياً، وإذا لم يعتمد المجتمع الدولي موقفاً ضاغطاً لتغليب هذا الخيار، وإذا لم يتمّ تحديد برنامج واضح ومهل زمنيّة معقولة للتنفيذ، مع استمرار السعي الى إلزام إسرائيل بوقف بناء المستوطنات وتهويد القدس وفرض الحصار على غزة واعتماد الممارسات المخالفة للقانون الدولي، كما أشار إلى ذلك تقرير غولدستون». وقال سليمان: «إنّ صلات لبنان ببلادكم قائمة على التعاون والاحترام المتبادل والتفاعل الإيجابي. ونطمح لإقامة أفضل العلاقات معكم، إن على الصعيد الثنائي أو من خلال مداولات مجلس الأمن، حيث سيكون لبنان من خلال عضويته غير الدائمة في المجلس، معكم في الدفاع عن القانون الدولي وعن مبادئ الأممالمتحدة وشرعتها ومقاصدها». وأكد ان «لروسيا دوراً أكيداً في بلورة النظام الدولي الجديد وتثبيت دعائمه، والذي يفترض أن يبتعد في الوقت نفسه عن الامتيازات الأيديولوجيّة الخلافيّة والتصادميّة». استبدال ال «ميغ» وقال الرئيس سليمان في مقابلة أجرتها معه صحيفة «فريميا نوفوستيه» الروسية إن الطرفين الروسي واللبناني يدرسان حالياً إمكان استبدال تقنيات أخرى بالطائرات المقاتلة «ميغ - 29» التي كانت موسكو وعدت لبنان بها . وأشار إلى «أن لبنان دولة محبة للسلام، ولم تفكر أبداً في مهاجمة أحد، لكن يجب أن يعرف اللبنانيون كيف يدافعون عن أرضهم وصد الأعداء، وخصوصاً اسرائيل، التي هاجمت لبنان أكثر من مرة». وأكد سليمان أنه اتفق مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على إعداد اتفاق للتعاون العسكري الفني يقضي بأن تساعد روسيا لبنان في إعداد الكوادر المطلوبة للجيش اللبناني وتزوده بأسلحة. وإذ اشاد بقرار روسيا إهداء عشر طائرات مقاتلة من طراز «ميغ-29» إلى الجيش اللبناني، واشارته الى أن هذه المبادرة تركت أثرها الإيجابي على معنويات الجيش لأنها دلت على أن روسيا كسرت الحصار التسليحي غير المعلن المضروب على لبنان»، لفت الى ان «حالياً يبحث الخبراء عن المطار المناسب لهذه الطائرات ويدرسون قدرات الطيارين والفنيين اللبنانيين على تشغيلها. وفي موازاة ذلك يجري بحث إمكان استيراد طراز آخر من الطائرات بدل «ميغ-29». وعن الدوافع من وراء حاجة لبنان إلى مثل هكذا عتاد، أكد سليمان أن لبنان «بلد مسالم لا يفكر في مهاجمة أحد، لكن ينبغي له أن يقدر على الدفاع عن النفس ويستطيع أن يتصدى للأعداء وخصوصاً إسرائيل». وذكر سليمان «أن هناك خطة مدتها خمسة أعوام لتحديث أسلحة الجيش اللبناني»، وأشار إلى «أن التعاون مع روسيا سيعزز جاهزيته القتالية إلى حد كبير». وعن التعاون مع روسيا في تسوية المشكلات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، قال سليمان: «إن مساعدة روسيا مطلوبة لإيجاد حل يسوي مشكلات الشرق الأوسط، ويجب ألا يتم حل مشكلات الشرق الأوسط على حساب مصالح لبنان ولا على حساب حقوق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان». وعما إذا كان «حزب الله» سيحتفظ بأسلحته، قال سليمان: «إن الجيش سيكون الجهة الوحيدة التي تحوز الأسلحة في لبنان عندما لن يواجه لبنان أي تهديد». وكان سليمان اكد امام ابناء الجالية اللبنانية في العاصمة الروسية ليل اول من امس «اننا لن نقبل ابداً ان يحصل اي حل على حساب لبنان»، مشيراً الى توقيع اتفاق تعاون عسكري مع روسيا «يودي الى تعاون مستمر بالتجهيز والعتاد والتدريب بين الجيشين اللبناني والروسي». وقال لابناء الجالية: «مع اقرار العلاقات الديبلوماسية مع سورية، للمرة الاولى يقوم هذا النوع من العلاقات منذ الاستقلال، وارتفع العلم السوري في لبنان والعلم اللبناني في سورية. ولن نكتفي بهذه العلاقة الديبلوماسية، لأن علاقتنا مع سورية هي علاقة ثقة تاريخية تربط الشعبين اللبناني والسوري». وأضاف: «لبنان انتخب عضواً غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2010 و2011 ما سيجعله موجوداً الى الطاولة التي تمكنه من الدفاع عن قضاياه ومن المساهمة في الحلول للقضايا العالمية. واستعاد لبنان مكانته الدولية وعلاقاته مع الدول وأصبح هناك احترام للحكومة اللبنانية ولرئيس الجمهورية اللبنانية وأصبح الرئيس اللبناني يسأل عن موقفه ورأيه في الحلول التي تتعلق بالمنطقة ودور لبنان في هذه الحلول. وعلى رغم الازمة المالية التي ضربت العالم استعاد لبنان مركزه المالي الذي يذكرنا بلبنان سويسرا الشرق». واشار في معرض عرضه الوضع اللبناني الى محاولة اسرائيل الدائمة زعزعة الوضع الاقتصادي الذي من الممكن أن يؤدي الى زعزعة الاستقرار الامني، وقال ان «الرد على هذا الموضوع هو بوحدة الصف والجاهزية الدائمة للدفاع عن الوطن بكل الوسائل المشروعة بدءاً بالديبلوماسية وصولاً الى وسائل القتال والصمود، والجيش اللبناني جاهز للتصدي الى جانب قوات يونيفيل وفقاً للقرار 1701 على الحدود اللبنانية ولكن اذا لم يستطع الجيش ويونيفل ذلك، وحاولت اسرائيل الاعتداء واحتلت جزءاً من لبنان فكل الشعب اللبناني سيقاوم اسرائيل». ورأى سليمان ان «لا معنى لأي كلام عن الطائفية السياسية والغائها اذا بقيت التعيينات محاصصة، هذا امر لا يجوز. اللبنانيون لا يرغبون في ان يكون الغاء الطائفية السياسية الغاء مشاركة الطوائف، بل على العكس، الجميع يرغب في الحفاظ على الميزة اللبنانية بمشاركة الطوائف في الحياة السياسية وفي المؤسسات الكبرى وقياداتها، ولكن ما يرغب فيه الجميع هو الخروج من المذهبية السياسية اي الخروج من المارونية السياسية والشيعية السياسية والسنية السياسية». وقال سليمان امام السفراء العرب المعتمدين في موسكو: «ان اسرائيل تحاول من خلال تهديداتها وتضخيم ما تعتبره اخطاراً متأتية من ايران وسورية او لبنان التملص من الضغوط الدولية عليها للسير بالمبادرة العربية واعطاء الفلسطينيين حقوقهم وفي طليعتها حق العودة في وقت تستمر في بناء المستوطنات وتعمل على يهودية اسرائيل».