انفير (بلجيكا) - أ ف ب - تجول مسرحية «الراديو المؤذن» في مدن أوروبية مقدمة شخصيات اربعة مؤذنين من القاهرة، في لحظة مفصلية بالنسبة الى عملهم يمثلها قرار توحيد الآذان. وترافق المشاركين المصريين مسؤولة في وزارة الاوقاف المصرية تقول ان وجودها له علاقة «بالناحية الأمنية والرقابية». العرض الذي أخرجه السويسري ستيفان كارنجي وانتجته مجموعة «ريمني بروتوكول» الالمانية، يتنقل هذه الأيام في بلجيكا حيث شاهده جمهور مدينة انفير، وستقام عروض عدة له في بروكسيل بداية الشهر المقبل. يبدأ العرض من رفع الآذان، ويعرض المؤذنون كيف اوصلتهم المصادفات الى مذياع الجامع. يتحدثون بحس عفوي عن تفاصيل حياتهم المتشابكة مع مقتضيات عملهم، وخلال ذلك يعرفون بطقوس الدين الاسلامي، فيمثلون الوضوء ثم يجتمعون ليؤدوا صلاة تمثيلية على الخشبة. ضياء حامد شاب مصري يعمل مساعداً لكارنجي المتواجد حالياً في بيونوس ايريس، يقول ان «صوت الآذان» هو اكثر ما أثار المخرج عندما كان مقيماً في القاهرة «يبحث عن مواضيع لافتة للاهتمام يمكنه نقلها الى المسرح». وجاء انتقاء المؤذنين بعد لقاءات طويلة أجريت معهم وكثير من زملائهم في المركز الثقافي الالماني (غوته) في القاهرة، حيث استمع المخرج الى قصصهم واصواتهم، ثم عمل على استخلاص المادة الدرامية اللازمة للعرض من تلك الحكايات. المؤذن عبد المعطي علي، كان يعمل كهربائياً قبل تفرغه لخدمة الجامع، ويؤكد انه لا يقف على الخشبة ممثلا مسرحياً «انا كنت ممثلا للإسلام فقط ولا غير». السبب الرئيس الذي يجعل عبد المعطي سعيداً جداً بما يقوم به هو ان «المسرحية تلاقي إقبالا رائعاً، والناس لم يكونوا يتوقعون ان يكون الإسلام جميلاً بالطريقة التي نعرضه فيها». ويضيف: «هذا فخر كبير لنا». واللافت في عرض «الراديو المؤذن» ان وزارة الاوقاف المصرية ترافقه اينما ذهب، اذ تنتدب مديرة عامة فيها هي ناهد أمين لتحضر كل العروض. وتقول مسؤولة الاوقاف ان تواجدها له علاقة «بالناحية الامنية والرقابية» على اعتبار ان المؤذنين تابعون للوزارة. وتضيف: «يجب ان اوجه المؤذن اذا شط في الكلام او ما شابه لأن الخلفية لدى الاجانب مختلفة وربما يفهمون الصورة في شكل خاطئ». بدت صالة العرض كأنها جانب من الفناء الداخلي لمسجد، فسجاد كالذي يستخدم فيه عادة غطى خشبة المسرح، بينما اقتصر الديكور على اربعة كراس وطاولة، وتدلت من السقف مراوح افقية، كما استخدمت احياناً الإنارة الخضراء نفسها التي تميز اضاءة الجوامع. وفي صدر خشبة المسرح وقفت أربع شاشات عرض متلاصقة، دعمت سرد المؤذنين واعطته بعداً فنياً وتوثيقياً. بهذه الطريقة صارت حكاياتهم مصاحبة بصور وبمشاهد بثتها الشاشات من يومياتهم، اضافة الى مشاهد مصورة في شوارع القاهرة وأحيائها. خلال العرض يحكي المؤذن الكفيف حسين بودا كيف شعر بحزن شديد عند سماعه خبر حظر المآذن في سويسرا، ويقول: «الحمد لله نحن الآن في انتويرب (انفير) ولسنا هناك»، كما يدلي بتعليق يربط المسرحية بمكان العرض فيقول: «سمعت ان صوت الآذان في مدينة انتويرب لا يخرج من المساجد». ويوضح مساعد المخرج ان المؤذن بودا يضيف الى حواره باستمرار تعليقات تكون بمثابة «آخر الاخبار»، اذ كان تحدث في عروض سابقة عن قضية الصيدلانية المصرية مروة الشربيني التي دعتها وسائل الاعلام «شهيدة الحجاب» بعد مقتلها في مدينة دريسدن الالمانية. هذا النوع من العمل المسرحي يسميه المخرج ستيفان كارنجي «المسرح التسجيلي»، وكان استخدمه في عروض سابقة منوهاً بأن من يظهرون على الخشبة ليسوا ممثلين محترفين «بل اناس لديهم قصة مميزة بفضل هواياتهم، هوياتهم او مهنتهم»، كما يقول في تقديمه للعرض. في عروض بلجيكا يغيب المؤذن محمد علي محمد فرج، لكنه يبقى متواجداً عبر مشاهد فيديو تنقلها احدى الشاشات، ويلقي حواره مساعد المخرج الذي يعلن ان المؤذن الشاب «توقف عن المشاركة في العرض».